فمن استجمع هذه المعاني- فهو من أهل الاجتهاد والفتوى على الكمال.
أما أصلها- فهو ما لابد منه في ذلك وهو:
- أن يحفظ من كتاب الله تعالى ما يتعلق به من الأحكام، وهى مقدار خمسمائة آية. ألا وإن كان لا يحفظها وراء ظهره، يكفيه أن يكون عالماً بمواضعها حتى يطلب منه الآية المحتاج إليها في وقت الحاجة.
- وأن يحفظ الأحاديث التي يتعلق بها الأحكام. فإن لم يحفظ يكفيه أن يكون عنده أصل مصحح يجمع أحاديث الأحكام. كسنن أبى داود وغيره. ويعرف مواضع كل باب، فيراجعه عند الحاجة.
- وفى الإجماع: إن لم يحفظ جميع أقاويل السلف، يكفيه أن يعلم أن قوله في المسألة التي يفتى فيها ليس مخالفاً للإجماع: إما بأن يعلم أنه يوافق مذهب ذي مذهب من العلماء، أو يعلم أن هذه واقعة حدثت في هذا العصر لم يكن للإجماع فيه خوض.
- وأما العلم بالله تعالى وصفاته ورسالته- فيكفى فيه الاعتقاد الجزم بهذه الأمور. ولا يشترط الوقوف على دقائق الكلام، إذ بهذا القدر يصير مسلماً، وإنه كاف.
- وأما علم اللغة والنحو- فيكفيه أن يعرف القدر الذي يتعلق بالكتاب والسنة، ويقف على مواقع خطاب العرب.
- وأما معرفة الناسخ والمنسوخ-[ف] يكفيه أن يعلم أن الآية التي أفتى بها أو الحديث الذي أفتى به ليس بمنسوخ، وإن لم يعرف جميع ذلك.
- وأما معرفة الرواة والنقلة- فإن كان المنقول بطريق التواتر، فلا حاجة فيه إلى العلم بعدالة الرواة. وإن كان بطريق الآحاد، [ف] يفتقر إلى الفحص عن عدالة الراوي: فمن كان مشهوراً بالعدالة بين النقلة يعتمد عليه.