للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

طباعنا عنه إذ [اتصف] بوجه من وجوه القبح. ولهذا نهانا عن شرب البول وسائر الخبائث وعن قتل النفس والإيلام وغير ذلك. وهذا لأن أمر الشرع ونهيه يتبع المصلحة، فإن كانت المصلحة بالأمر بالشيء يأمر به وإن كان الطبع يدعو إليه، وإن كانت في النهي ينهي عنه وإن كان الطبع ينفر عنه- وهذا لأن الشيء الذي ينفر عنه الطبع جاز أن يتراءى للعبد حصول مصلحة به، فيقدم عليه مع نفرة الطبع عنه، لتحصيل تلك المصلحة بزعمه، فإذا لم يكن ذلك مصلحة ينهي الشرع عنه. ثم إذا اشتمل على وجه المصلحة يأمر به ويوجبه. وقد يختص الفعل بجهتين: إحداهما ينفر عنه الطبع، والأخرى يدعو إليه الطبع، فإن كانت المصلحة في الامتناع عنه ينهي الشرع عنه، وإن كانت في الإقدام عليه يأمر به ويوجبه. وإذا جاز أن ينتقل المحظور، بالنهي، إلى الوجوب، فتقدم النهي لا يدل على الإباحة.

وأما حمل قوله تعالى: {وإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}. وقوله تعالى: {فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} على الإباحة، [فـ] عدول عن ظاهر الأمر بدليل، وليس يجب، إذا عدل عن ظاهر بعض النصوص بدليل، أن يعدل عنه في جميعها من غير دليل، كألفاظ العموم: حمل بعضها على الخصوص بدليل، ولا يجب لأجل ذلك حمل جميعها على الخصوص من غير دليل.

والله أعلم.

<<  <   >  >>