للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يلزمه عتق كل رقبة يملكها، على البدل، على الوجه الذي ذكرنا.

وقوله: إن الوجوب ليس صفة للفعل- قلنا: ليس كذلك، لأن أحوال الأفعال واختصاصها بجهات تقتضي الوجوب في البعض والحرمة في البعض، ثابت عند العقلاء، لأن الأفعال في ذواتها، والصفات الذاتية لها، متماثلة، وإنما يوصف البعض بالوجوب عقلًا وشرعًا، والبعض بالحرمة، لاختصاصها باسم يقتضي ذلك، وقد قررنا هذه القاعدة في موضعها.

وقول الشارع "افعل" كاشف عن وجه الوجوب فيه، على جهة الإجمال، لأنه إثبات للوجوب.

وقوله: إن الإيجاب ليس إلا قول الشارع "افعل"، فالواجب ما قيل فيه "افعل"- قلنا: هذا يرفع وجوب الواجبات العقلية قبل ورود السمع، كالإيمان بالله تعالى، وشكر المنعم، وغير ذلك، ويقتضي أن الظلم والكفر والكذب العاري عن النفع إذا قيل فيه "افعل" أن يصير واجبًا، وكل ذلك يأباه دليل العقل. ثم إن جرينا معه أن الإيجاب هو قول الشارع "افعل"، لكن إذا وقع [كان] طلبًا للفعل على جهة الحتم لا على جهة التخيير، وذا إنما يصح إذا كان للمكلَّف سبيل إلى العلم به، وأن لا يدخل التخيير بينه وبين غيره، ولو كان الواجب أحد الأشياء غير عين، لم يكن للمكلَّف سبيل إلى العلم به وكان مخيرًا بينه وبين غيره- على ما مرَّ.

والله أعلم.

<<  <   >  >>