للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الوسع، ولو أجبنا عليه الصعود على كل حال ثم أوجبنا عليه نصب السلم كان في ذلك إيجاب ما لا ذكر له في الأمر- قلنا: لا معنى لقول القائل: إن الأمر يتقيد بنصب السلم سوى أنه يلزمه الصعود إذا كان السلم منصوبًا: ولا يلزمه إذا لم يكن منصوبًا، وهذا باطل، لأن الأمر المطلق يقتضي إيجاب الفعل على كل حال، وليس إيجاب الصعود عليه مع فقد السلم تكليف ما ليس في الوسع، لأنه يمكنه أن يتوسل إليه بنصب السلم.

قوله بأن ذلك إيجاب ما لا ذكر له في الأمر- قلنا: إن لم يكن له ذكر في الأمر، لكن الأمر يدل عليه، ألا ترى أن إيجاب المسبب إيجاب السبب، فإن من أمر عبده بإيلام زيد كان لك أمرًا بالضرب، لأن الألم لا يحصل إلا به. وكذا إيجاب ستر الفخذ، يقتضي إيجاب ستر شيء من الركبة، لأنه لا يحصل إلا به- كذا هذا.

فإن قيل: لستم بأن تتمسكوا بإطلاق اللفظ وتتوصلوا به إلى إيجاب شيء لا ذكر له في الأمر، بأولى من أن نتمسك بظاهر اللفظ لنفي وجوب ما لا ذكر له في الأمر ونتوسل به إلى تقييد الأمر ببعض الأحوال وإخراج الفعل من أن يكون واجبًا في بعض الأحوال. فإذن قد تساوينا في أن كل واحد منا يعمل بظاهر اللفظ من وجه، ويعدل عن ظاهر اللفظ من وجه، فلم كان ما قلتم أولى؟ - قلنا: بهذا السؤال سلمتم أن ما ذكرتم ترك لظاهر اللفظ، فأما إيجاب ما لا ذكر له في اللفظ، [فـ] لا يكون تركًا لظاهر اللفظ، لأن اللفظ كما لا نتعرض له بالإثبات لا نتعرض له بالنفي، وإيجاب شيء لا يتعرض له الأمر بالنفي، لا يكون تركًا لظاهر الأمر.

إذا ثبت هذا- نقول: قول القائل "افعل" يقتضي إيجاب الفعل على كل حال. فلو قلنا إنه يثبت الوجوب في بعض الأحوال، كان ترك العمل

<<  <   >  >>