الغرض منه اكتساب الحمد والثناء، والثواب - هذا هو عادة أغلب الناس، أما اللئام فلا يبني الحكم على عاداتهم - دل عليه أنه لو جازاه بشيء يسير لا يبقى له حق الرجوع بالإجماع، على أن الغرض ما هو الذي ذكرتم.
ولئن سلمنا أن الغرض ما ذكرتم، ولكن لم قلتم/ بأنه فات غرضه؟ وهذا لأن الموهوب له ما دام حياً لا يقع اليأس على المكافأة وصار هذا كما إذا زاد الموهوب زيادة متصلة أو هلك أو مات أحد العاقدين ينقطع حق الرجوع في هذه الصور، ولو كان حق الرجوع ثابتاً لما سقط بهذه الأشياء.
ثم التعليق معارض بالنص المعقول:
أما النص ـ[فـ] ما روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالعائد في قيئه" متفق على صحته. وروى أبو داود وأبو عيسى بإسنادهما عن عبد الله بن عباس يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل لأحد يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" - زاد أبو داود "ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئته".
وأما المعقول - وهو أن الرجوع في الهبة إبطال ملك معصوم بغير رضا المالك: لأن ملكه قد تم. ولهذا لو كانت جارية حل له وطؤها ونفذ إعتاقها، فلا يجوز إبطال ملكه المعصوم، كسائر أملاكه، وصار هذا كهبة المحارم.