للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني - أن مفهوم هذا الكلام أنه صلى الله عليه وسلم أراد: إني بشر مثلكم يجري على الخطأ والسهو في القضايا كما يجري عليكم، فمن قضيت له مخطئاً فلا يأخذ به. وهذا لا يتفاوت بين الأنكحة والأملاك المرسلة.

والثالث - أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فأحسب أنه صادق فأقضي له" - جعل ظن الصدق علة للخطأ في القضاء، وهذه العلة قائمة ههنا، فيثبت معلوله، فيثبت حكمه.

والرابع - أنكم لما سلمتم أن هذا الحديث يقتضي حرمة الأملاك المرسلة في مثل هذه القضية، فلأ [ن] يقتضي حرمة الفروج، كان أولى، لأنه حرمة الفرج أشد وآكد من حرمة الأموال.

لأنا نقول: المراد من الحديث الأملاك المرسلة بما ذكرنا من القرينة، لأن القضاء ههنا ليس قضاء بحق مسلم، لأن المرأة ليست بحق مسلم.

وأما إجماع الأمة - فالجواب عنه ما ذكرنا: أنه ليس بزنا بدليل عدم وجوب الحد - قوله: لم قلتم بأنه قضى بأمر الشرع؟ قلنا: لأن المعنى بكونه مأموراً كونه مكلفاً، والتكليف في موضع ما، لا يقف على العلم، بل الأمر يبتني على الظن وقد حصل الظن.

قوله: أمكن بناء الحكم على الصدق القطعي بدون العلم بالصدق، بأن يقول: قضيت بالنكاح إن كان الشهود صدقاً - قلنا: هذا باطل، لأنا أجمعنا أن القاضي لا يحل له أن يقول ذلك في موضع ما، بل يجب عليه القضاء حتماً، والفقه فيه أنه متى غلب على ظنه صدق المدعى وصدق الشهود غلب على ظنه ظلم المدعي عليه، فيجب على القاضي دفع الظلم قطعاً.

<<  <   >  >>