للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقول باربرا فيكتور (١): «وحسب عقيدة مسيحية راسخة جدًا في اللاشعور الغربي: الإسلام، ومنذ سقوط بيزنطة وإعادة احتلال إسپانيا، هو الدين الوحيد - من خلال ثقافته وأدبه - الذي هدد باستمرار وجود النصارى» اهـ.

أيضًا، فإن واقعنا المعاصر يشهد بانحسار التيار الإلحادي العَلْماني في العالم بشكل عام، وليس أقوى من الصفعة التي وجهها أعتى ملاحدة العصر سير أنتوني فلو Sir Antony Flew (١٩٢٣ - ٢٠١٠ م) إلى زملائه من الملاحدة والمتشككين؛ فبعد أكثر من نصف قرن قضاها في دعوته إلى الإلحاد ألَّف فيها أكثر من ثلاثين كتابًا وبحثًا فلسفيًا تعد بمثابة أصول الفلسفة الإلحادية المعاصرة، وجدول أعمال الفكر الإلحادي طوال النصف الثاني من القرن العشرين، أعلن في مطلع عام ٢٠٠٤م بصراحة نادرة الوجود عن تراجعه عن إلحاده ودخوله في صفوف (النِيتْشَريين) المؤمنين بوجود الله الخالق، وقوفًا على مبدأ (الربوبية Deism) (٢) ، وصنف في ذلك كتابه الماتع (هناك إله There's a God) (٣) ،

والذي هتك فيه أستار زملائه وعلى رأسهم الأفاك ريتشارد دوكنز Richard Dawkins، والفيزيائي المتشكك ستيفن هوكنج Stephen Hawking (٤) .


(١) باربرا فيكتور: الحرب الصليبية الأخيرة، ص (٢٠٥).
(٢) النِيتْشَريين، كما يطلق عليهم جمال الدين الأفغاني في رسالته (في الرد على الدهريين)، نسبة إلى (نِيتْشَر) أي (الطبيعة Nature): هم أتباع (الديانة الطبيعية) أو (الربوبية)، وهي فلسفة تؤمن بوجود خالق عظيم للكون وبأن هذه الحقيقة يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي وحده دون الحاجة إلى أي دين، مع رفض فكرة التدخل الإلهي في الشئون الإنسانية بالمعجزات والوحي.
(٣) وقد نقله إلى العربية وعلق عليه الأستاذ الدكتور عمرو شريف رئيس قسم الجراحة بكلية الطب جامعة عين شمس، في كتابه القيم (رحلة عقل) ..
(٤) ولكن أنتوني فلو ظل حتى وفاته منكرًا لوجود حياة أخرى بعد الموت حيث لم يقف على دليل علمي يثبتها، وكان مما قاله في خاتمة كتابه: «إذا كانت رحلة الفلاسفة العقلية ورحلة العلماء البحثية قد توصلت إلى القول بالإله الحكيم القادر، فلا مانع عندي من تقبل فكرة أن يكشف الإله عن نفسه لمخلوقاته من خلال الوحي وإرسال الرسل، إذا وجدت الدليل على ذلك» اهـ[انظر: رحلة عقل، ص (١١٠)].

<<  <   >  >>