للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعقيدة الكاثوليكية الرسمية، اقترفوا إثمًا فطردهم الله من فلسطين إلى منفاهم في بابل. وعندما أنكروا أن عيسى هو المسيح المنتظر نفاهم الله ثانية، وبذلك انتهى وجود ما يسمى (الأمة اليهودية) إلى الأبد، ولذلك فليس لليهود مستقبل قومي جماعي، ولكنهم كأفراد، يستطيعون أن يجدوا الخلاص الروحي بارتدادهم للمسيحية.

والنبوءات المتعلقة بعودة اليهود كانت تؤول على أنها عودة للإسرائيليين من المنفى في بابل. وقد تحقق ذلك في القرن السادس قبل الميلاد حين أعادهم قورش إلى فلسطين. أما الفقرات الأخرى التي تتنبأ بمستقبل مشرق لإسرائيل، فإنها كانت تحمل على أنها تنطبق على (إسرائيل الجديدة) أي الكنيسة المسيحية التي كانت تعتبر إسرائيل (الحقيقة) والوريث المباشر للديانة العبرية.

كانت هذه هي فكرة كتاب (مدينة الإله De Citivate Dei) الذي كتبه أوغسطين الملقب بالقديس، والذي يعتبر التحفة الأدبية للاهوت الكاثوليكي. ويعتبر أوغسطين - والذي كتبه في القرن الخامس - واضع العقيدة التي كانت الكنيسة بموجبها تجسد مملكة الله الألفية السعيدة. وبقي الأمر المسلم به أن هذه العقيدة هي الرأي المسيحي التقليدي في اليهود حتى القرن السادس عشر. ونتيجة لذلك كانت فترة العصور الوسطى تميل إلى الفصل بين اليهود المعاصرين والعبرانيين القدامى [الذين كانوا يعتبرون شعبًا مثاليًا] (١).

يقول الدكتور المسيري (٢): «وقد اعتبرت الكنيسة نفسها إسرائيل الحقيقية (باللاتينية: Verus Israel)، واعتبر النصارى أنفسهم شعب الرب. كانت الكنيسة ترى نفسها أيضًا إسرائيل الروحية مقابل إسرائيل الجسدية (اليهودية). وقد تطورت صورة اليهود في الوجدان المسيحي، فكان يُرمَز لهم بعيسو (مقابل يعقوب المسيحي)، وبقابيل الذي قتل أخاه هابيل وأصبح كذلك قاتل المسيح» اهـ.

وينبع موقف الكنيسة من أعضاء الجماعات اليهودية من فكرتين أساسيتين مختلفتين ومتكاملتين عن اليهود:


(١) د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (٢١) بتصرف يسير.
(٢) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٢/ الصور الإدراكية النمطية وكلاسيكيات وتاريخ معاداة اليهود حتى بداية القرن الثامن عشر).

<<  <   >  >>