للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجانب الهيليني أو الوثني، وهو ما خلق تعاطفًا مع اليهود ومع الثقافة الدينية اليهودية (١).

وعندما ترجم الكتاب المقدس للغات القومية أصبح أكثر الآثار الأدبية شيوعًا، وأصبح ما ورد في العهد القديم من تاريخ ومعتقدات وقوانين العبرانيين وأرض فلسطين - التي حكموها لأقل من ألف عام - أمورًا مألوفة في الفكر الغربي، وغدت قصص وشخصيات العهد القديم مألوفة كالخبز، وأضحى كثير من الپروتستانت يرددونها عن ظهر قلب. وأصبح المسيح نفسه معروفًا ليس بأنه ابن مريم فحسب، بل واحد من سلسلة طويلة من الأنبياء العبرانيين. وحل أبطال العهد القديم كإبراهيم وإسحاق ويعقوب محل القديسين الكاثوليك (٢)، وبالتالي أدى الإعجاب بالماضي اليهودي إلى احترام اليهودية المعاصرة، وكان من نتائج ذلك أن ازداد التسامح في الأراضي الواقعة تحت النفوذ السياسي الپروتستانتي (٣).

ولقد تطور الاهتمام بالتوراة باعتبارها كلمة الله تحت شعار (العودة إلى الكتاب المقدس). وأصبح العهد القديم هو المرجع الأعلى للسلوك والاعتقاد. وحلت كلمة الله المعصومة كما جاءت في الكتاب المقدس، والتي ترجمت إلى لغة الناس العادية محل الكنيسة المعصومة التي يمثلها البابا في روما، ودعي المؤمنون للعودة إلى الكتاب المقدس نفسه باعتباره مصدر المسيحية النقية الثابتة، وإلى فهم النصوص بمعناها الواضح البسيط (٤).

وفي هذه الفترة التي أصبح فيها العهد القديم - كما ذكرنا - مصدر المعلومات التاريخية العامة، بدأت عملية التزوير التاريخي. وقد وجد التزوير الصهيوني الحالي للتاريخ الذي يدعي (حقًا تاريخيًا) في فلسطين مادته المسيحية في التمسك بحرفية


(١) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٣/ الپروتستانتية (القرنان السادس عشر والسابع عشر)).
(٢) د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (٢٤) بتصرف.
(٣) السابق، ص (٢٧).
(٤) السابق، ص (٢٣ - ٤).

<<  <   >  >>