للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العريش - شرق إفريقيا). وبعد عدة دراسات واقتراحات واتصالات، استقر الرأي على شرق إفريقيا بناءً على نصيحة شامبرلين، ولكن الخطة لم يُكتب لها النجاح (١).

وهنا نشير إلى مسألة، وهي أن المشاريع الاستعمارية البريطانية لحل المسألة اليهودية لم تستقر على فلسطين في بادئ الأمر، بل إن هرتزل نفسه حينما طرح الفكرة كان يقارن بين حلَّين: «فلسطين أم الأرچنتين؟»، فتجده يقول (٢): «وهناك الآن منطقتان موضوعتان في الاعتبار: فلسطين والأرچنتين. ففي كلا البلدين هناك تجارب استعمارية هامة، ولكن على أساس مبدأ خاطئ من التسلل التدريجي لليهود ... هل نختار فلسطين أم الأرچنتين؟ إننا سنأخذ ما يعطى لنا، وما يختاره الرأي العام اليهودي، وسوف تقرر الجمعية كلا الأمرين.

إن الأرچنتين من أكثر بلاد العالم خصوبة، وهي تمتد على مساحات شاسعة، وفيها عدد قليل من السكان، ومناخها معتدل. وجمهورية الأرچنتين سوف تحصل على مكاسب كبيرة إذا تنازلت لنا عن قطعة من أراضيها. ولعل التسلل الحالي لليهود أثمر بعض الاستياء، ومن الضروري أن نوضح للجمهورية أن الحركة الجديدة تختلف اختلافًا جوهريًا ...».

يقول الدكتور المسيري (٣): «ويبدو أن هرتزل كان يرفض في بادئ الأمر (الخروج) على الطريقة الصهيونية الاستيطانية، شأنه في هذا شأن يهود الغرب المندمجين. وقد نشر في المجلة التي كان يكتب فيها عام ١٨٩٢م تقارير تفصيلية عن أحوال الاستيطان اليهودي في الأرچنتين. وقد سافر زميل له مندوبًا عن يهود برلين ليدرس احتمالات توطين اليهود في البرازيل. كما كان هرتزل يعرف عن مشروع توطين اليهود في الأحساء في الجزيرة العربية، فكتب مقالًا عام ١٨٩٢م يرفض فيه فكرة عودة اليهود إلى فلسطين وقال: "إن الوطن التاريخي لليهود لم يَعُد ذا قيمة بالنسبة لهم، ومن الطفولي أن يستمر اليهودي في البحث عن موقع جغرافي لوطنه". كما سخر في مقال له من إحدى مسرحيات الكاتب


(١) د. عبد الوهاب المسيري: الپروتوكولات واليهودية والصهيونية، ص (٧١ - ٢).
(٢) ثيودور هرتزل: الدولة اليهودية، ص (٨٣ - ٤) باختصار.
(٣) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٦/ أفكار هرتزل) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>