للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ساعدنا على تحقيق آمالنا، لأن الإنجليزي المتدين يؤمن بما جاء في التوراة من وجوب عودة اليهود إلى فلسطين. وقد ساعدتنا الكنيسة الإنجليزية في هذا الباب أكبر المساعدات» اهـ.

ولعل الذي أدى بهرتزل في نهاية المطاف أن يقبل المشروع الفلسطيني هو أنه كما قال (١): «إن اسم فلسطين في حد ذاته سيجتذب شعبنا بقوة ذات فاعلية رائعة».

ولكن حتى عندما وقع الاختيار على فلسطين، فلم يأل هرتزل جهدًا في تأكيد الطبيعة اللادينية لهذا الاختيار. إذ أخبر البابا پيوس العاشر Pope Pius X (١٨٣٥ - ١٩١٤ م) أن الصهاينة «لا يطالبون بالقدس» أو مثل هذه الأماكن المقدسة، وإنما ينصب جُلّ اهتمامهم على «الأرض العَلْمانية فقط». وكانت كلماته قاطعة بشكل أكبر عندما أكد لأحد الكاردينالات أنه لا يتطلع إلى أرض إسرائيل التاريخية، بل «يطالب فقط بالأرض الدنيوية» (٢).

يقول وايزمان (٣): «... فهو [أي هرتزل] كان وراء فكرة، إلا أنه لم يكن قد حصر هذه الفكرة ضمن حدود وقيود كما فعلنا نحن يهود الشرق، نحن الذين بشرنا بفلسطين وباللغة العبرية ولا شيء آخر غير فلسطين وغير لغة اليهود ودين اليهود وتقاليد اليهود ... وكان على هذا كله أن ينتظر حتى تختمر فكرة الصهيونية وحتى تعمل عملها في نفوس اليهود ثم حتى يقوم على تحقيقها أولئك الذين آمنوا بالصهيونية على أنها قومية، والقومية لها وطن واحد، وكان وطن اليهود هو فلسطين، ولا شيء غير فلسطين» اهـ.

وفي هذه الفترة، كانت قد شكَّلت حكومة آرثر چيمس بلفور Arthur James Balfour (١٨٤٨ - ١٩٤٠ م) - الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك - لجنة خاصة لمناقشة هجرة يهود شرق أوروپاإلى إنجلترا، والتي كان لا بد الحد منها بسبب المشاكل التي بدأت تسببها. وعليه أصدرت حكومته في الفترة ما بين (١٩٠٣ - ١٩٠٥م) ما عرف باسم (قانون الغرباء) لمنع دخول اليهود إنجلترا. وقد أدى موقفه هذا إلى الهجوم عليه من قبل


(١) ثيودور هرتزل: الدولة اليهودية، ص (٨٤).
(٢) د. عبد الوهاب المسيري: الپروتوكولات واليهودية والصهيونية، ص (١٣٤ - ٥).
(٣) مذكرات وايزمان، ص (١٥ - ٦) باختصار.

<<  <   >  >>