للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت لندن وپاريس قد اتفقتا على خطوط رئيسة:

إنه لا بد من فصل بين الساحل والداخل (١) في خريطة جديدة للعالم العربي. فالقوى الأوروپية يمكن أن تتقاسم النفوذ في الساحل المطل على البحر الأبيض والمحيط به. وأما الداخل بكل ما فيه من الصحاري والقبائل فأمره معقد ويمكن تركه للعرب إذا ما ساعدوا على هزيمة تركيا.

وهكذا أضيف إلى تقسيم العالم العربي خط رأسي مواز للخط الأفقي. الخط الرأسي يعزل الساحل عن الداخل. والخط الأفقي يعزل مصر عن سوريا (بوطن قومي لليهود في فلسطين طبقًا للسياسة البريطانية من پالمرستون إلى لويد چورچ).

وكانت فرنسا تريد سوريا الشمالية وتعتقد أن لها حقوقًا تاريخية في بيروت وجبل لبنان وما حولها إلى وديان الشام، بما في ذلك دمشق وحمص وحلب وحماة والموصل (شمال العراق).

وفي مقابل ذلك فإن بريطانيا كانت تريد إلى جانب مصر والسودان منطقة ما بين النهرين (العراق) والخليج. كما أن عينها كانت على فلسطين، فهي لازمة لخطتها في الفصل ما بين مصر وسوريا» (٢).

ولقد حصلت فرنسا بموجب معاهدة سايكس-پيكو التي عقدت بين فرنسا وإنجلترا في ٣ يناير ١٩١٦م، على الضوء الأخضر لاحتلال قلقيلية وسوريا ولبنان، أما إنجلترا فحصلت على البصرة وبغداد والمنطقة الجنوبية من الشرق الأوسط. كما حصلت أيضًا على حيفا وعكا، أما باقي أراضي فلسطين فأصبحت تقع تحت حكم دولي غير محدد.

ومهما كانت نوايا بريطانيا (استبعاد فلسطين من المنطقة العربية أم لا)، فإنه لا يتم


(١) يقول هيكل: «على أي خريطة للعالم العربي يلمح أي باحث مهتم أن هناك سياسة غربية ثابتة تستهدف عزل (الساحل) عن (الداخل) .. هكذا في البحر الأبيض، وفي الخليج، وفي المحيط. و (الساحل) في أكثر الأحيان للغالبين أو معهم. و (الداخل) متروك لتناقضات أهله وخلافاتهم» اهـ[محمد حسنين هيكل: المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل (١/ ٧٧)].
(٢) محمد حسنين هيكل: المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل (١/ ٩٣) باختصار.

<<  <   >  >>