للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احترام الوعود والتصريحات التي تمَّت تحت ضغوط الحرب؛ إلا إذا كانت تخدم المصالح بعد نهاية الحرب. وبما أن معاهدة (سايكس-پيكو) لم تنص على أن لفرنسا مصالح في فلسطين، رأت إنجلترا أن هذه المنطقة حيوية لمصالحها الاستراتيچية وحاجز لحماية مصر، وتحمي قناة السويس التي تؤدي إلى الهند .. ومع نهاية الحرب، أصبح تداخل مصالح الإنجليز والصهاينة حقيقة؛ ففلسطين اليهودية سوف تخدم كحامية محلية تدافع عن المصالح البريطانية في قناة السويس، وكذلك كجزيرة سياسية صغيرة تُكِنّ الولاء لبريطانيا وسط دول عربية مستقلة حديثًا. وكان من البديهي أن لا يقبل عرب فلسطين الحلم الصهيوني، وبذلك أصبحت المساندة الإنجليزية ضرورية لتحقيق هذا الحلم (١).

تقول ريچينا الشريف (٢): «التقت المصالح البريطانية والصهيونية في النهاية، ففي عام ١٩١٧م كان احتلال فلسطين ضرورة استراتيچية لبريطانيا، لكن المطالبة بذلك على أساس الفتح العسكري وحده لم تكن تتفق مع مبدأ الرئيس الأمريكي وودرو ولسن Woodrow Wilson [١٨٥٦ - ١٩٢٤ م] الذي ينص على عدم السماح بالاستيلاء على الأرض بالحرب، فضلًا عن أن ذلك كان يثير الرأي العام العالمي ضدها. لذلك كان الضم الصريح غير وارد، وكان السبيل الوحيد المتاح لبريطانيا هو ربط أهدافها الحربية بمبدأ تقرير المصير. وهكذا وجد الصهيونيون البريطانيون غير اليهود أن من المناسب جدًا وضع فلسطين تحت الوصاية من أجل أصحابها الذين ورد ذكرهم في العهد القديم (شعب الله القديم). ولم يسبب ذلك راحة للضمير البريطاني فحسب، ولكنه ترك الباب مفتوحًا كذلك لمصالح بريطانيا المستقبلية في المنطقة» اهـ.

ننقل أحداث هذه الفترة التاريخية الحاسمة من مذكرات وايزمان حيث يروي فيقول (٣): «لقد حان الوقت لإعلان الحكومة البريطانية كلمتها الأخيرة في القضية. وقد وعد بلفور بأن يفعل هذا، وطلب من - أنا حاييم وايزمان - أن أكتب البيان الذي يجب


(١) مايكل پريور: الكتاب المقدس والاستعمار، ص (١٥٣ - ٤) باختصار.
(٢) د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (١١١) باختصار وتصرف يسير.
(٣) مذكرات وايزمان، ص (٦٤ - ٩) باختصار.

<<  <   >  >>