للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاتمه إلى عامله بمصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا عليًّا فقالوا: ألم تر إلى عدو الله! إنه كتب فينا بكذا وكذا، وإن الله قد أحل دمه، قم معنا إليه، قال: والله لا أقوم معكم، إلى أن قالوا: فلم كتبت إلينا؟! (١)

فقال: والله ما كتبت إليكم كتابًا قط! فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قال بعضهم لبعض ألهذا تقاتلون، أو لهذا تغضبون؟ فانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية، فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما اثنتان أن تقيموا عليَّ رجلين من المسلمين أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو (٢) ما كتبت ولا أمللت ولا علمت، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم، فقالوا: فقد والله أحل الله دمك ونقضت العهد والميثاق، فحاصَروه».

يقول محب الدين الخطيب (٣): «وأعجب العجب أن قوافل الثوار العراقيين التي كانت متباعدة في الشرق عن قوافل الثوار المصريين في الغرب عادتا معًا إلى المدينة في آن واحد، أي أن قوافل العراقيين التي كانت بعيدة مراحل متعددة عن قوافل المصريين ولا علم لها بالرواية المسرحية التي مثلت في البويب رجعت إلى المدينة من الشرق وقت رجوع المصريين من الغرب ووصلتا إلى المدينة معًا كأنما كانوا على ميعاد! ومعنى هذا أن الذين استأجروا الراكب ليمثل دور حامل الكتاب أمام قوافل المصريين استأجروا راكبًا آخر خرج من المدينة قاصدًا قوافل العراقيين ليخبرهم بأن المصريين اكتشفوا كتابًا بعث به عثمان إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح - رضي الله عنه - عامِلَهُ في مصر فيه أمره بقتلهم» اهـ.

روى الطبري (٤): «... فافترق أهل المدينة لخروجهم، فلما بلغ القوم عساكرهم كرُّوا بهم فبغتوهم، فلم يفاجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة، فنزلوا في


(١) الذين نظر بعضهم إلى بعض هم من الفريق المخدوع يتعجب كيف لم يكتب عليّ إليهم وقد جاءهم كتابه. [انظر السابق، ص (١٢٥) الهامش] ..
(٢) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البينة على المُدَّعِي واليمين على المُدَّعَى عليه». [رواه الترمذي، كتاب الأحكام: ١٣٤١ وصححه الألباني].
(٣) العواصم من القواصم، ص (١٢٧) الهامش بتصرف يسير.
(٤) تاريخ الطبري (٤/ ٣٥١).

<<  <   >  >>