للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفروع، وهل أوقع القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة وسائر طوائف أهل البدع إلا سوء الفهم عن الله ورسوله؟!» اهـ.

أما على الجانب الآخر، فأردها إلى ما تطرحه السلطات الفكرية المهيمنة على ساحة التنظير السياسي والثقافي على السواء، وتبثه عبر إعلامها المضلل، عملًا بقاعدة: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} (١)، ويتأثر به عوامهم أتباع كل ناعق: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (٢)، وانظر ما يتمخض عن ذلك من إساءات بالغة وتضييق شديد على دعوة الإسلام وأهله، معلوم أمرها ومشاهد ..

إذن، ففي هذا الوقت العصيب، يزداد الإلحاح على مثل هذه الدعوة إلى الحوار والتعايش السلمي، وذلك على المستوى الشعوبي، بعيدًا عن الديباجات السياسية الخادعة. وهي وفق هذا المفهوم - كما تقدم - دعوة محمودة شرعًا ومطلوبة، ولكن شريطة الوعي بأمرين:

- الأول: هو الفقه بأحكام التعامل مع غير المسلمين.

- والثاني: هو الوعي بأيديولوچية المخالف.

فعن الأول: لقد «حكم الإسلام في أهل الكتاب حكمين: أحدهما: حكم علمي: في بيان حقيقة ما هم عليه من الاعتقادات والأعمال، وتعيين مسمَّاهم في باب أسماء الدين والإيمان، وبيان جزائهم في باب وعيد الله. الثاني: حكم عملي: في وصف معاملتهم، وما يختصون به من أحكام دون سائر الناس. فالأول: ثابت لا يتغير بتغير الزمان والمكان والحال. والثاني: أصله ثابت كذلك، لكن قد تتغير بعض أحكامه بتغير الأحوال، وفق ما تقتضيه السياسة الشرعية» (٣).

ولقد زخرت كتب التراث الإسلامي فضلًا عن الكتابات الغربية المنصفة، بالآثار


(١) العنكبوت: ١٢
(٢) لقمان: ٢١
(٣) د. أحمد القاضي: دعوة التقريب بين الأديان (١/ ١٤٣).

<<  <   >  >>