للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول القفاري (١): «وعلى الرغم من قيام الشيعة بتأسيس دار التقريب ومجلتها وجماعتها واستجابة بعض علماء الأزهر لفكرتهم لم نر لهذه الدعوة لهذا التقارب أي أثر بين علماء الشيعة في العراق وإيران وغيرهما، فلا يزال القوم مصرين على ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير الكاذب لما كان بين الصحابة من خلاف، ولا تزال مطابع الروافض تقذف سنويًا بعشرات الكتب التي تحمل اللعن والتكفير والتخليد بالنار لخير القرون. وقد بعث أحد القراء المؤمنين بفكرة التقريب برسالة إلى شلتوت بعد إصداره لفتواه يذكر له ما ينشر في بلاد الشيعة من كتب لا تتفق ودعوة التقريب ويدعوهم لأن يجدوا لذلك حلًا، فأجابه شلتوت: "يمكنكم أن ترجعوا إلى مجلة (رسالة الإسلام) لتروا فيها ما يشفي الغلة ويطمئن القلوب إن شاء الله تعالى". وهو جواب يشبه فتواه في الشذوذ والغرابة» اهـ.

ولكن لم يكتب لهذه الدار طول البقاء، وسرعان ما خبأ صوتها وخفت، فما كان السبب في ذلك؟ هل كما يقول تسخيري (٢): «خبأ صوتها وخفت بموت أصحابها»، أم لأن أصحابها المخلصين خابت آمالهم في الوصول إلى كلمة سواء، لما صار مفهوم التقريب في قانون الجماعة الحقيقي هو نشر التشيع والرفض في ديار السنة؟ فبعد ما كانت موضع أمل لهم منهم من ترك الجماعة بصمت ومنهم من أعلن عن ذلك، كأمثال الدكتور محمد البهي (١٣٠٦ - ١٣٩٢هـ) والشيخ طه محمد الساكت والشيخ عبد اللطيف محمد السبكي (ت. ١٩٦٩م) وغيرهم (٣).

يقول القفاري (٤): «ويتتابع الأعضاء المخلصون في التخلي عن جماعة أرادت أن تنشر


(١) د. ناصر القفاري: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (٢/ ١٨٨ - ٩).
(٢) انظر حواره مع صحيفة (ليبيا اليوم)، بتاريخ ٤/ ١١/٢٠٠٨م.
(٣) انظر تعليق الشيخ محمد نصيف رحمه الله (١٣٠٢ - ١٣٩١هـ) في خاتمة كتاب (الخطوط العريضة) لمحب الدين الخطيب، ص (٦١).
(٤) د. ناصر القفاري: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (٢/ ١٨٤ - ٥).

<<  <   >  >>