للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف فيه رواة "الموطإ"، ففي رواية يحيى، وابن بكير، وغيرهما: "الدَّيْرِيّ" بالياء، وفي رواية القعنبيّ، وابن القاسم، وأكثرهم: "الداريّ" بالألف.

واختلف العلماء في نسبته، فقال الجمهور: إلى جد من أجداده، وهو الدار بن هانىء، فإنه تميم بن أوس بن خارجة بن سُور -بضم السين- ابن جَذِيمة -بفتح الجيم، وكسر الذال المعجمة- ابن ذراع بن عديّ بن الدار بن هانىء بن حبيب بن نمارة بن لخم، وهو مالك بن عديّ.

وأما من قال: "الدَّيْريّ" فهو نسبة إلى دَيْرٍ كان تميم فيه قبل الإسلام، وكان نصرانيا، هكذا رواه أبو الحسين الرازيّ، في كتابه "مناقب الشافعيّ" بإسناده الصحيح، عن الشافعيّ أنه قال في النسبتين: ما ذكرناه، وعلى هذا أكثر العلماء. ومنهم من قال: الداريّ بالألف إلى دارين، وهو مكان عند البحرين، وهو محط السفن، كان يجلب إليه العطر من الهند، ولذلك قيل للعطار: داريّ. ومنهم من جعله بالياء نسبة إلى قبيلة أيضًا، وهو بعيد شاذ، حكاه والذي قبله صاحب "المطالع"، قال: وصوب بعضهم الدَّيْرِيّ، قلت: وكلاهما صواب، فنُسب إلى القبيلة بالألف، وإلى الدير بالياء؛ لاجتماع الوصفين فيه. قال صاحب "المطالع": وليس في "الصحيحين"، و"الموطإ": داريّ، ولا دَيْريّ إلا تميم. انتهى كلام النوويّ (١). والله تعالى أعلم.

(عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا) وهو ما أخرجه مسلم في "كتاب الإيمان" من "صحيحه"، فقال:

حدثنا محمد بن عباد المكي، حدثنا سفيان، قال: قلت لسهيل: إن عمرا حدثنا عن القعقاع عن أبيك، قال: ورجوت أن يُسقِط عني رجلا، قال: فقال: سمعته من الذي سمعه منه أبي، كان صديقا له بالشام، ثم حدثنا سفيان، عن سهيل، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدين النصيحة"، قلنا: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم".

قال الشيخ المعلّميّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: أقول: أخرجه مسلم في "كتاب الإيمان"، وذكر معه أحاديث تؤدّي معناه، منها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "لا تؤمنوا حتى تَحابّوا"، وحديث جرير -رضي الله عنه-: "بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكلّ مسلم"، وقد رُوي: "الدين النصيحة" من حديث ثوبان، وغيره، ومعناه ثابتٌ بنصوص كثيرة، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الآية [الحجرات: ١٠]،


(١) "شرح مسلم" ١/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>