للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤول أَوْلًا، ومآلًا: رَجَعَ، والإِيَالُ، وزانُ كتاب، اسم منه، وقد استُعمِل في المعاني، فقيل: آل الأمر إلى كذا. قاله في "المصباح".

و"الحال" صفةُ الشيء، يذكّر، ويؤنِّث، فيقال: حالٌ حسن، وحالٌ حسنةٌ، وقد يؤنّثُ بالهاء، فيقال: حالةٌ حسنةٌ. قاله في "المصباح" أيضًا.

وفي بعض النسخ: "به" بدل "إليه"، وهو بمعناه؛ لأن الباء تأتي بمعنى "إلى"، كما في قوله تعالى: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} الآية [يوسف: ١٠٠]. أي إليّ، وقيل: ضُمّن "أحسن" معنى "لَطُفَ". ذكره ابن هشام، في "مغنيه" (١). وفي بعض النسخ "يؤول" بالياء بدل التاء، وهو جائز؛ لأن الحال يذكّر، ويؤنّث، على ما قدّمناه آنفًا.

فـ "ما" اسم موصول، معطوف على "تدبّره".

(-إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى-) جملة معترضة بين المبتدأ المؤخّر والخبر المقدّم، ذُكر تبرّكًا، ولأن تحققه غير معلوم له، وإنما ذلك إلى الله تعالى (عَاقِبَةٌ) قال الفيّوميّ: عاقبة كلّ شيء آخره (مَحْمُودَةٌ) بالرفع صفة لـ "عاقبة"، يعني أن الأمر الذي سأله، وهو التأليف المذكور له نهايةٌ مرضية، حيث يترتّب عليه الأجر العظيم عند الله تعالى، وقوله (وَمَنْفَعَةٌ مَوْجُودَةٌ) مؤكّدٌ لما قبله، ويحتمل أن تكون المنفعة الموجودة في الحال، إذ يُنتفع بذلك الكتاب حالًا، وتكون العاقبة المحمودة فيما بعدُ حيث يكون الكتاب لسان صدق في الآخرين، يُثني عليه من أتى بعده، ويوجر عليه في الآخرة؛ لحديث: "من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ ... " الحديث، أخرجه مسلم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(وَظَنَنْتُ حِينَ سَأَلْتَنِي تَجَشُّمَ ذَلِكَ أَنْ لَوْ عُزِمَ لِي عَلَيْهِ، وَقُضِيَ لِي تَمَامُهُ، كانَ أَوَّلُ مَنْ يُصِيبُهُ نَفْعُ ذَلِكَ إِيَّايَ خَاصَّةً، قَبْلَ غَيْرِي، مِنَ النَّاسِ؛ لأَسْبَاب يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْوَصْفُ، إِلَّا أنَّ جُمْلَةَ ذَلِكَ أَنَّ ضَبْطَ الْقَلِيلِ مِنْ هَذَا الشَّأْنِ، وَإِتْقَانَهُ أَيْسَرُ عَلَىِ الْمَرْءِ مِنْ مُعَالَجَةِ الْكَثِيرِ مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ، مِنَ الْعَوَامِّ، إِلَّا بِأَنْ يُوَقِّفَهُ غَيْرُهُ).

الشرح الإجماليّ لهذه الفقرة:

بيّن رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه حينما سأله التكلّف للتأليف المذكور، وحصل له ذلك بالفعل كان أول من يستفيد به هو؛ لأسباب كثيرة، لو ذكرها لطال عليه الكتاب، إلا أن


(١) راجع "مغني اللبيب" ج ١ ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>