للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن معين ضعيف الحديث. وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير. وقال أبو حاتم، والنسائيّ: ليس بقويّ. وعن أبي داود: في حديثه نكارة.

وقول السبكيّ فيه: هو عندي في الزهريّ ثقة ثبت، فقد قال الأوزاعيّ: ما أحد أعلم بالزهريّ منه، وقال يزيد بن السِّمْط: أعلم الناس بالزهريّ قرّة بن عبد الرحمن. فهو بعيد عن الصواب؛ لأنه مخالف لأقوال الأئمة المذكورين فيه، واعتماده في ذلك على ما نقله عن الأوزاعيّ مما لا يُجدي شيئًا؛ فقد تعقّب أبو مسهر قول الأوزاعيّ، فقال: وكيف يكون قّرّة أعلم الناس بالزهريّ، وكلّ شيء روى عنه ستون حديثًا، بل أعلم الناس بالزهريّ: مالك، ومعمر، ويونس، والزبيديّ، وعُقيلٌ، وابن عُيينة، هؤلاء أهل الحفظ، والإتقان، والضبط.

وذكر في "تهذيب التهذيب" ما حاصله: أن مراد الأوزاعيّ أنه أعلم بحال الزهريّ من غيره، لا فيما يرجع إلى ضبط الحديث، وهذا هو اللائق. والله تعالى أعلم (١).

وخلاصة القول أن قرّة ضعّفه الجمهور، ولم يوجد له توثيق صريح، إلا عن ابن عديّ، فإنه قال: لم أر له حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به. وذكره ابن حبّان في "الثقات" مع التعقّب المذكور عن أبي مسهر.

فتفرّده بوصل هذا الحديث، واضطرابه، في متنه، فتارة يقول: "بحمد الله"، وتارة "بذكر الله"، وتارة "أقطع"، وتارة "أبتر"، وتارة "أجذم" ومخالفته للثقات: يونس، وعُقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، فقد رووه كلهم عن الزهريّ، مرسلًا يدلّ على وَهَمِه، فتكون روايته منكرة، وقد عرفت بطلان دعوى متابعة الأوزاعىّ وغيره له فيما تقدّم، فالصحيح أن الحديث ضعيفٌ جدًّا. فتصحيح التاج السبكيّ، وتحسين غيره له مما لا يُلتفت إليه.

والحاصل أن حديث الحمدلة المذكور ضعيفٌ جدًّا، كما أن حديث البسملة المتقدّم واه بمرّة. فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالتقليد والاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الثانية: قال العلاّمة القرطبيّ رحمه الله تعالى في "تفسيره"

" الحمد" في كلام العرب معناه الثناء الكامل، والألف واللام لاستغراق الجنس من المحامد، فهو سبحانه يستحقّ الحمدَ بأجمعه، إذ له الأسماء الحسنى، والصفات


(١) راجع تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>