للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنعن عنهم (جَمِيعًا كَانُوا فِي الْعَصْرِ الَّذِي اتَّفَقُوا فِيهِ) أي اتّفق وجودهم فيه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى:

(وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْقَائِلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي تَوْهِينِ الْحَدِيثِ بِالْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفَ، أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعَرَّجَ عَلَيْهِ، وَيُثَارَ ذِكْرُهُ، إِذْ كَانَ قَوْلًا مُحْدَثًا، وَكَلَامًا خَلْفًا، لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سَلَفَ، وَيَسْتَنْكِرُهُ مَنْ بَعْدَهُمْ خَلَفَ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا فِي رَدِّهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا شرَحْنَا، إِذْ كَانَ قَدْرُ الْمَقَالَةِ وَقَائِلِهَا الْقَدْرَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى دَفْعِ مَا خَالَفَ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ).

إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

بيّن رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه بعدما تبيّن ما كان عليه الأئمة النقّاد من تصحيح الحديث المعنعن إذا ثبتت المعاصرة مع ارتفاع الموانع من اللقاء والسماع، ثبت أن هذا القول المحدث في تضعيف الأحاديث المعنعنة من المتعاصرين بسبب احتمال الانقطاع أقلّ من أن يُمال ويُلتفت إليه، ويُشاع ذكره بين طلاب العلم؛ حيث كان -حسب زعم المصنّف- قولًا مخترغًا، وكلامًا ساقطًا، لم يقله أحد من السلف، ويُنكره من أتى بعدهم من الخلف، فلا حاجة إلى ردّه بأكثر مما سبق؛ إذ كان قدر المقالة وقائلها القدر الذي بيّنّاه من أنه قول محدث، وكلام ساقط، والله عَزَّ وَجَلَّ هو الذي يُطلب منه العون على دفع ما خالف مذهب العلماء، وعليه الاعتماد في كلّ ذلك.

هذا خلاصة ما ذكره، وقد مضى، ويأتي ما ناقشه فيه ابن رُشيد، وغيره من العلماء، فتأمل ما قاله بفكر سديد، ولا تتهوّر بالتقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد. والله تعالى أعلم.

إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

(وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ) بالرفع على أنه اسم "كان" (الَّذِي أَحْدَثَهُ الْقَائِلُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ) وهو الذي عبر عنه فيما مضى تارة بالمنتحل، وتارة بالمخترع المستحدث (فِي تَوْهِينِ الْحَدِيثِ) متعلّق بـ "أحدث" (بِالْعِلَّةِ) متعلّق بـ "توهين" (الَّتِي وَصَفَ) بالبناء للفاعل: أي وصفها القائل (أَقَلَّ) بالنصب على أنه خبر "كان" (مِنْ أَنْ يُعَرَّجَ عَلَيْهِ) بتشديد الراء، من التعريج، والفعل مبنيّ للمفعول: أي يُتوقّف عنده، ويُعتمد عليه، يقال: عرّجت على الشيء بالتشديد: إذا توقّفت عنده. أفاده في "المصباح". وقال في "القاموس": وعرّج تعريجًا: مَيَّلَ، وأقام، وحَبَسَ المطيّة على المنزل. انتهى. (وَيُثَارَ ذِكْرُهُ) بالبناء للمفعول أيضًا: أي يُهَاج، ويُنشر ذكر ذلك القول (إِذْ) تعليليِّة أيضًا: أي لأنه (كَانَ قَوْلًا مُحْدَثًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>