للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرّيّ المعروف بـ "ابن أحد عشر"، وغيرها مما يطول بنا لو سلكنا سبيل استقصائه، فنكتفيّ بهذا القدر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة عشرة: في ذكر رُواة "صحيح مسلم"

قال الشيخ أبو عمرو رحمهُ اللهُ تعالى: هذا الكتاب مع شهرته التامة، صارت روايته بإسناد متصل بمسلم مقصورةً على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، غير أنه يُرْوَى في بلاد المغرب مع ذلك عن أبي محمد، أحمد بن علي القلانسي، عن مسلم.

أما أبو إسحاق، فهو نيسابوري من أهلها، وكان فقيها، زاهدًا، روينا عن الحاكم، أبي عبد الله بن الْبَيِّع النيسابوري، أنه سمع محمد بن يزيد العدل يقول: كان إبراهيم بن محمد بن سفيان مجاب الدعوة، وأنه سمع أبا عمرو بن نُجيد يقول: كان إبراهيم بن محمد بن سفيان من الصالحين، وذكر الحاكم أنه كان من العباد المجتهدين، ومن الملازمين لمسلم بن الحجاج، وكان من أصحاب أيوب بن الحسن الزاهد، صاحب الرأي -يعني الفقيه الحنفي- سمع إبراهيم محمد بن رافع القشيري، وغيره، بنيسابور، وبالريّ، وبالعراق، وبالحجاز، وتوفي فيما حكاه الحاكم، في رجب سنة ثمان وثلاثمائة.

قال إبراهيم: فرغ لنا مسلم من قراءة الكتاب، في شهر رمضان، سنة سبع وخمسين ومائتين، روى الكتاب عنه أبو عبد الله، محمد بن يزيد العدل، والجلوديُّ وغيرهما.

أما الْجُلُودي: فهو أبو أحمد، محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن عمرويه بن منصور الزاهد النيسابوري الجلودي -بضم الجيم- ومن فتح الجيم منه فقد أخطأ، وإنما الجلودي -بفتح الجيم- آخرُ، ذكره يعقوب بن السِّكّيت، ثم ابن قتيبة، وهو منسوب إلى جُلُود، اسم قرية، قيل: بإفريقية، وقيل: بالشام.

قال أبو عمرو: وهذا الجلوديّ أبو أحمد فيما ذكره أبو سَعْد بن السمعاني، وقرأته بخطه، في كتاب الأنساب له منسوب إلى الجلود، جمع جِلْد. وعندي أنه منسوب إلى سكة الجلوديين بنيسابور الدارسة.

رَوَينا عن الحاكم أبي عبد الله، أن أبا أحمد هذا كان شيخا صالحا زاهدا، من كبار عُبّاد الصوفية، صَحِبَ أكابر المشايخ، ومن أهل الحقائق، وكان يُوَرِّق -يعني يَنسَخُ- ويأكل من كسب يده، سمع أبا بكر بن خزيمة، ومن كان قبله، وكان ينتحل مذهب سفيان الثوري، ويعرفه، توفي رحمهُ اللهُ يوم الثلاثاء، الرابع والعشرين من ذي الحجة، سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو ابن ثمانين سنة. قال: وخُتم بوفاته سماع كتاب مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>