للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحدثين، مع توفيق الله تعالى له للتوجه إليها.

وإنما قال: "بعض"، لأنه لم يبيّن في هذه المقدّمة مسائل مصطلحات المحدثين كلها، بل بيّن قليلًا منها، وإنما بيّن ما هو أهمّ لمريد التمييز بين صحيح الأخبار، وسقيمها، وأما معرفة جميع المسائل، فلا بدّ من الرجوع إلى الكتب المؤلفة في ذلك.

وإنما عطف جملة "ووُفّق لها" على ما قبلها إشارةً إلى أنه لا بد في نجاح رغبة العبد، ووصوله إلى مطلوبه من التوفيق الإلهيّ، فإن مجرد الإجتهاد لا يُجدي، بل يذهب ضائعًا، ولقد أجاد من قال، وأحسن في المقال:

إِذَا كَانَ عَوْنُ اللهِ لِلْمَرْءِ مُسْعِفًا ... تَهَيَّا لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ مُرَادُهُ

وَإِنْ لم يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللهِ لِلْفَتَى ... فَأَوَّلُ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(وَسَنَزِيدُ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) - جملة معترضة بين العامل ومعموِله جيء بها للتبرك، عملا بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية [الكهف: ٢٣ - ٢٤] (شَرْحًا) مفعول "سنزيد"، وقوله: (وَإِيضَاحًا) من عطف المرادف، فإن الشرح والإيضاح بمعنى واحد، كما سبق قريبًا (فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْكِتَابِ) أي كتابه هذا، لا كما ظنه من لم يُمعن في فهم مراده بأنه أراد أن يضع كتابًا آخر يذكَر فيه الأخبار المعلّلة، فهذا غلط صريح، يفنّده السياق، والجارّ متعلّق بقوله: "سنزيد"، أو بـ "شرحًا"، وكذا قوله: (عِنْدَ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُعَلَّلَةِ) أي التي فيها علّة، وهي الأسباب الخفية الغامضة تطرأ على الحديث، فتقدح في صحته، مع كون ظاهره السلامة منها.

وقوله: "المعلّلة" بلامين، من علّله، والأجود كونه بلام واحدة، من أعلّ الرباعيّ، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الأولى من المسائل الآتية قريبًا، إن شاء الله تعالى.

والظاهر أنه أراد هنا مطلق العلة، سواء كانت تؤثّر في صحته، أم لا، لأن العلة تطلق على ما يعم النوعين، كما سيأتي بيانه قريبًا أيضًا، فإن بعض المواضع التي يبيّن فيها الإختلاف لا يؤثّر في صحة الحديث. والله تعالى أعلم.

(إِذَا أَتَيْنَا عَلَيْهَا) أي إذا ذكرناها في الكتاب و"إذا" ظرف لـ "سنزيد"، أو لـ "شرحا" أيضًا (فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَلِيقُ بِهَا الشَّرْحُ وَالْإِيضَاحُ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) الجارّ والمجرور بدل من قوله: "في مواضع"، وجملة الإنشاء تقدم بيانها قريبًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلق بكلام المصنّف رحمه الله تعالى السابق:

<<  <  ج: ص:  >  >>