للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثوب، ونحو ذلك، ويقاس الباقي بما ذُكر. وقد نقل الغزاليّ إجماع المسلمين على أن الغيبة ذكرك غيرك بما يكره، وقد تقدّم الحديث الصحيح المصرّح بذلك. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[(المسألة الثانية): في حكم الغيبة]

اعلم: أن الغيبة محرّمة بإجماع المسلمين، وقد تظافرت الدلائل الصريحة من الكتاب والسنة على ذلك، قال الله عز وجل: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} الآية [الحجرات: ١٢]. وقد تقدّم حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- في خطبة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، وقد ذكر فيه الأعراض في جملة المحرمات. وقد أخرج مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذُله، ولا يَحقِره، التقوى ههنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يَحقِر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه".

وأخرج أبو داود، والترمذيّ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: حسبك من صفية كذا وكذا -تعني قصيرة- فقال: "لقد قلت كلمة لو مُزِجت بماء البحر لمزجته"، قالت: وحكيت له إنسانا، فقال: "ما أُحب أني حكيت إنسانا، وأن لي كذا وكذا". قال الترمذيّ: حسنٌ صحيح.

وأخرج أبو داود أيضًا عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَمّا عُرِج بي مررت بقوم، لهم أظفار من نحاس، يَخْمُشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هولاء يا جبريل؟ قال: هولاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم". حديث صحيح.

وأخرج أبو داود أيضًا عن سعيد بن زيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن من أربى الربا الاستطالةَ في عرض المسلم بغير حق". حديث صحيح.

وأخرج أبو داود أيضًا عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته". حديث صحيح.

وأخرج أيضًا عن المستورد -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أُكل برجل مسلم أكلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>