للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجارّ ومجرور خبر بعد خبر، أو صفة لقوله: "مُبْهَمٌ"، فليس أمرًا زائدًا على ما ذُكر؛ لأن الصفة والموصوف كالشيء الواحد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

ثم واصل المصنّف رحمه الله تعالى مناقشته لخصمه، فقال:

(فَيُقَالُ لِمُخْتَرِعِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي وَصَفْنَا مَقَالَتَهُ، أَوْ لِلذَّابِّ عَنْهُ: قَدْ أَعْطَيْتَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِكَ، أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ، عَنِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ، حُجَّةٌ يَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ، ثُمَّ أَدْخَلْتَ فِيهِ الشَّرْطَ بَعْدُ، فَقُلْتَ: حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا الْتَقَيَا مَرَّةً فَصَاعِدًا، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا، فَهَلْ تَجِدُ هَذَا الشَّرْطَ الَّذِي اشْتَرَطْتَهُ عَنْ أَحَدٍ يَلْزَمُ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَهَلُمَّ دَلِيلًا عَلَى مَا زَعَمْتَ، فَإِنِ ادَّعَى قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِمَا زَعَمَ، مِنْ إِدْخَالِ الشَّرِيطَةِ، فِي تَثْبِيتِ الْخَبَرِ طُولِبَ بِهِ، وَلَنْ يَجِدَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إِلَى إِيجَادِهِ سَبِيلًا).

إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الفقرة مكمّلة لسابقتها، وخلاصتها: أن يقال لمخترع هذا القول، أو لمن يدافع عن رأيه: قد أثبتّ في خلال قولك أن خبر الراوي الثقة، عن الثقة يلزم العمل به؛ لثبوت حجيّته، ونحن سلّمنا لك ذلك، ثم بعد أن اتّفقنا نحن وأنت على هذا زدت من عندك شرطًا لإثبات ما قلته، وذلك حيث قلت: لا يلزمنا قبول الخبر المذكور إلا أن يثبت لدينا أن الراوي المذكور لقي شيخه، ولو مرّة واحدة وثبت سماعه منه، ونحن نطالبك هل وافقك على هذا الشرط غيرك من أهل العلم المعتبرين الذين يلزم قولهم، ويكون حجة على من بعدهم، فإن وجدت ذلك فهلمّ، وهيهات أن تجد ذلك وإن لم تجد ذلك فهلمّ دليلًا يُثبت مدّعاك، من هذا الشرط الذي أدخلته، ولن تجد إلى ذلك سبيلًا. هذا خلاصة ما أشار إليه، ولكن هذا كله في مقام المنع كما ستراه، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم.

إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

(فَيُقَالُ لِمُخْتَرِعِ هَذَا الْقَوْلِ) اسم فاعل من اخترع الشيء، أي لمنشئه، ومبتدعه من غير أن يسبقه أحد من أهل العلم، على ما زعم المصنف (الَّذِي وَصَفْنَا مَقَالَتَهُ) أي وهي قوله: لا يكون الخبر المعنعن حجة حتى يثبت سماع الراوي ممن روى عنه بـ "عن" (أَوْ لِلذَّابِّ عَنْهُ) أي لمن يدافع عن رأي ذلك المخترع. وهو اسم فاعل من ذبّ، يقال: ذبّ عن حَرِيمه يذُبّ، من باب نصر: حَمَى، ودفع.

(قَدْ أَعْطَيْتَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِكَ) أي مجموع ما قلته في الخبر المنقول (أَنَّ) بفتح الهمزة؛ لكونها سدّت مسدّ مفعولي "أعطيت" (خَبَرَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ عَنِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ حُجَّةٌ) بالضمّ: أي برهان، ودليل (يَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ) أي يجب العمل بمقتضاه، إن فرضًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>