للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هديا ودَلًّا نَلْقاه، فنأخذ عنه، ونسمع منه، قال: كان أقرب الناس هديا ودلا وسَمْتًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود، لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفى. أخرجه الترمذي بسند صحيح. وأخرج من طريق الحارث، عن علي رفعه: "لو كنت مُؤَمِّرًا أحدًا بغير مشورة لأمرت ابن أم عبد" (١). ومن أخباره بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه شهد فتوح الشام، وسَيَّره عمر إلى الكوفة؛ ليعلمهم أمور دينهم، وبعث عمارا أميرًا، وقال: إنهما من النجباء، من أصحاب محمد، فاقتدوا بهما، ثم أَمّره عثمان على الكوفة، ثم عزله، فأمره بالرجوع إلى المدينة. وأخرج ابن سعد من طريق الأعمش قال: قال زيد بن وهب: لما بَعَث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالقدوم إلى المدينة، اجتمع الناس، فقالوا: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال: إن له عليّ حقَّ الطاعة، ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن. وقال علي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان من أحد". أخرجه أحمد بسند حسن. ومن طريق تميم بن حرام: جالست أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما رأيت أحدا أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أحب إليّ أن أكون في صلاحه من ابن مسعود. وأخرج البغوي من طريق سيّار، عن أبي وائل أن ابن مسعود رأى رجلا قد أسبل إزاره، فقال: ارفع إزارك، فقال: وأنت يا ابن مسعود، فارفع إزارك، فقال: إني لست مثلك، إن بساقي حُمُوشة، وأنا آدم الناس، فبلغ ذلك عمر، فضرب الرجل، ويقول: أترد على ابن مسعود. أخرج له الجماعة. وله في "صحيح مسلم" (١٦٧) حديثًا (٢). والله تعالى أعلم.

وشرح الأثر واضحٌ؛ حيث تقدّم مرارًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

١٢ - (وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ، حَتَّى يُمْسِكَ عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ).

[شرح الأثر]

(وحدّثنا) الواو عاطفة على حدّثنا الماضي (محمد بن المثنّى) أبو موسى العنزيّ (قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ) بالبناء


(١) إسناده ضعيف؛ لضعف الحارث الأعور.
(٢) هذا ما في برنامج الحديث (صخر). وقال ابن الجوزيّ في "المجتبى": روى (٨٤٨) حديثًا، أخرج له في "الصحيحين" (١٢٠) حديثًا المتفق عليه (٦٤)، وانفرد البخاريّ بـ (٢١)، ومسلم بـ (٣٥) حديثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>