للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجله؟ فقال: كان اشترى طعامًا بأربعين ألفًا، فأُخبر عن أصله بشيءٍ كرهه، فتصدّق به، وبقي المال عليه، فحُبس، حَبَسَته امرأة. وعن ثابت البنانيّ، قال: قال لي محمد ابن سيرين: كنت أمتنع من مجالستكم مخافة الشهرة، فلم يزل بي البلاء حتّى أُخذ بلحيتي، وأُقمتُ على الْمِصْطَبّة (١)، وقيل: هذا محمد بن سيرين أكل أموال الناس. ويُرْوَى في سبب حبسه غيرُ ذلك.

قال حمّاد بن زيد: مات الحسن أوَّلَ يوم من رجب سنة عشر ومائة، وصلّيتُ عليه، ومات محمد لتسعٍ مضَينَ من شوّال منها. وقال ابن حبّان: كان محمد بن سيرين من أورع أهل البصرة، وكان فقيهًا، فاضِلًا، حافظًا، متقِنًا، يُعبّر الرؤيا، مات وهو ابن (٧٧) سنة، وكان كاتِب أنس بن مالك -رضي الله عنه- بفارس.

وقال في "التقريب": ثقة عابد كبيرُ القدرِ، كان لا يرى الرواية بالمعنى من الثالثة (٢).

روى له الجماعة، وله عند مسلم في هذا الكتاب ثمانية وثمانون حديثًا. والله تعالى أعلم.

إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

قوله: (وفي مثل مجرى هؤلاء) متعلق بمقدر يدل عليه السياق، أي ويجري التفاوت في المراتب مثل ما جرى لهؤلاء.

و"مجرى" يحتمل أن يكون بفتح الميم من جرى، أو أن يكون بضمها من أجرى، وهو موضع الجري، واسم الإشارة راجع إلى المذكورين من الصنفين السابقين. أحدهما: منصور، والأعمش، وإسماعيل، والثاني: عطاء، ويزيد، وليث.

والمعنى: أنك (إذا وازنت) أي قارنت، وقابلت، وتقدم أنه ضبط أيضًا بالياء التحتية بدل النون (بين الأقران) بفتح الهمزة، جمع قرن بكسر، فسكون، مثل حمل وأحمال: وهو من يقامك في علم، أو قتال، أو غير ذلك. قاله الفيومي (كـ) عبد الله (بن عون) بن أَرْطبان، (وأيوب السختياني) بفتح السين المهملة، وكسر التاء المثناة، قال أبو عمر بن عبد البر: كان أيوب يبيع الجلود بالبصرة، فلهذا قيل له: السختياني. قاله النوويّ (٣). وهكذا ضبطه ابن الأثير في "اللباب"، وقال: نسبة إلى عمل السختِيان،


(١) "الْمِصْطَبَّة" بكسر الميم، وتشديد الموحّدة: الدكّان الذي يُجلَسُ عليه. أفاده في "القاموس" وشرحه.
(٢) "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٨٥ - ٥٨٧. "التقريب" ص ٣٠١. "الخلاصة" ص ٣٤٠.
(٣) "شرح مسلم" ١/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>