للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٤٨ - (حَدَّثَنِي ابْنُ قُهْزَاذَ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا يَقُولُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: بَقِيَّةُ صَدُوقُ اللِّسَانِ، وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ عَمَّنْ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ).

[شرح الأثر]

عن محمد بن عبد الله (بْنُ قُهْزَاذَ) المروزيّ، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا) أي ابن زمعة المذكور في السند الماضي (يَقُولُ عَنْ سُفْيَانَ) بن عبد الملك المذكور في السند الماضي أيضًا، والجارّ والمجرور متعلّق بحال مقدّر: أي حال كونه آخذا عن سفيان، وكذلك قوله: (عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ) أنه (قَالَ: بَقِيَّةُ) -بفتح الموحّدة، وكسر القاف، وتشديد التحتانيّة- أي ابن الوليد (صَدُوقُ اللِّسَانِ) أي هو صادق في نفسه (وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ) أي يروي (عَمَّنْ أَقْبَلَ) كناية عن الثقات: أي عن الشخص الذي أقبل على الحديث، فسمعه من أهله، وحفظه إلى أن أدّاه (وَأَدْبَرَ) كناية عن الضعفاء: أي عن الشخص الذي أدبر عن الحديث، فلم يسمعه، من أهله، أو سمعه، لكنه ضيّعه بعدم حفظه، وإتقانه.

والمعنى: أن بقية بن الوليد، وإن كان ثقة في نفسه، إلا أنه يضعّف في بعض حديثه؛ لكونه يروي عن الضعفاء، ولا سيّما وهو كثير التدليس عنهم.

و"بقيّة" هذا: هو بقية بن الوليد بن صائد بن كعب بن حَرِيز الْكَلَاعِيّ الْمَيتَمِيّ (١)، أبو يُحْمِد -بضم التحتانيّة، وسكون الحاء المهملة، وكسر الميم- الحمصي، روى عن محمد بن زياد الألهاني، وصفوان بن عمرو، وحريز بن عثمان، ومالك، وغيرهم. وروى عنه ابن المبارك، وشعبة، والأوزاعي، وابن جريج، والحمادان، وابن عيينة، وغيرهم. قال عبد الله بن أحمد: سئل أبي عن بقية، وإسماعيل -يعني ابن عياش-؟ فقال: بقية أحب إلي، وإذا حدث عن قوم ليسوا بمعروفين، فلا تقبلوه. وقال ابن أبي خيثمة: سئل يحيى عن بقية؟ فقال: إذا حدث عن الثقات، مثل صفوان بن عمرو وغيره فاقبلوه، أما إذا حدث عن أولئك المجهولين فلا، وإذا كَنَى الرجل، ولم يسمه فليس يساوي شيئًا، فقيل له: أيما أثبت بقية، أو إسماعيل؟ فقال: كلاهما صالح. وقال يعقوب بن شيبة عن أحمد بن العباس، عن ابن معين: بقية يحدث عن من هو أصغر منه، وعنده ألفا حديث عن شعبة صحاح، كان يذاكر شعبة بالفقه، قال يحيى: ولقد قال لي نعيم -يعني ابن حماد: كان بقية يَضِنّ بحديثه عن الثقات، قال: طلبت منه كتاب صفوان، فقال: كتاب صفوان؟ أي كأنه. قال يحيى بن معين: كان يحدث عن


(١) "الْمَيْتَمِيّ" -بفتح أوله، والفوقيّة، بينهما تحتانيّة ساكنة-: نسبة إلى مَيْتَم قبيلة بحمص. أفاده في "اللباب" ٣/ ٢٧٩ - ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>