للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت، ولا بعد خروج الوقت، أو يكون غير مصل كما أُمر فلا بُدّ لمن حالته هذه من الإعادة في الوقت، وبعد خروج الوقت.

قال ابن المنذر: وإذا صلى الرجل، ثم رأى في ثوبه نجاسة، لم يكن عَلِمَ بها ألقى الثوب عن نفسه، وبنى على صلاته، فإن لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه، يدل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يعد ما مضى من الصلاة. انتهى كلام ابن المنذر (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي رجّحه الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى من عدم وجوب الإعادة مطلقًا هو الحقّ عندي؛ لما ذكره. والله تعالى أعلم بالصواب.

(وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ مَجْلِسًا) يحتمل أن يكون مصدرًا ميميّا مفعولًا مطلقًا: أي جلستُ جلوسًا. ويحتمل أن يكون منصوبًا على أنه ظرف مكان لجلست، وهو قياسيّ، كما قال في "الخلاصة":

وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيسًا أَنْ يَقَعْ ... ظَرْفًا لِمَا فِي أَصْلِهِ مَعْهُ اجْتَمَعْ

(فَجَعَلْتُ أَسْتَحْيِي) بياءين، ويجوز حذف إحداهما (مِنْ أَصْحَابِي أَنْ يَرَوْنِي) في تأويل المصدر بدل من "أصحابي": أي أستحيي من رؤية أصحابي لي، حال كوني (جَالِسًا مَعَهُ) أي مع روح (كُرْهَ حَدِيثِهِ) أي لأجل كراهية حديثه. فـ "كره" بالنصب على أنه مفعول لأجله، كما قال في "الخلاصة":

يُنْصَبُ مَفْعُولًا لَهُ الْمَصْدَرُ إِنْ ... أَبَانَ تَعْلِيلًا كَجُدْ شُكْرًا وَدِنْ

و"الكره" -بضم الكاف، وفتحها، يقال: كَرِهتُهُ أَكْرَهُهُ، من باب تعِبَ كُرْهًا بضمّ الكاف، وفتحها: ضدّ أحببته، فهو مكروه. والْكَرْهُ بالفتح: المشقّة، وبالضمّ: القهر. وقيل: بالفتح: الإكراه، وبالضمّ: المشقّة. ويقال: كَرُهَ الأمرُ، والمَنظَرُ كَرَاهَةً، فهو كَرِيهٌ، مثلُ قَبُحَ قَبَاحَةً، فهو قَبيح، وزنًا ومعنًى، وكَرَاهِيَةً بالتخفيف أيضًا. أفاده الفيّوميّ (٢).

و"الحياء": في اللغة: تغيّرٌ، وانكسارٌ يَعتَري الإنسان من خوف ما يُعاب به، وقد يُطلق على مجرّد ترك الشيء بسبب، والترك إنما هو من لوازمه. وفي الشرع: خُلُقٌ يَبعَث على اجتناب القبيح، ويَمنع من التقصير في حقّ ذي الحقّ. قاله في "الفتح" (٣). والله تعالى وليّ التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) "الأوسط" ٢/ ١٦٣ - ١٦٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٣١ - ٥٣٢.
(٣) "فتح الباري" ١/ ٦٧ - ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>