للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

(فَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ) أي السبب (عِنْدَ مَنْ وَصَفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ) بالبناء على الضم؛ لقطعه عن الإضافة ونيّة معناها (فِي فَسَادِ الْحَدِيث) متعلّق بـ "العلّة" (وَتَوْهِينِهِ) أي تضعيفه (إِذَا لَمْ يُعْلَمْ) يحتمل أن يكون بالبناء للفاعل، والضمير يعود على "من" في قوله: "عند من وصفنا"، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول، ونائب الفاعل قوله (أَنَّ الرَّاوِيَ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها في موضع المفرد، حيث سدّت مسدّ مفعولي "يعلم"، كما قال في "الخلاصة":

وَهَمْزَ "إِنَّ" افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ ... مَسَدَّهَا وَفِي سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ

(قَدْ سَمِعَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا) أي ولو قليلا، فالتنكير للتقليل، وقوله (إِمْكَانَ الْإِرْسَالِ فِيهِ) بالنصب على الخبريّة لـ "كانت"، وهذا هو الذي في النسخ التي بين يديّ، كنسخة شرح القاضي عياض، وشرح النووي، والأبيّ، وغيرها، وأشار في هامش بعض النسخ إلى أنه وقع بلفظ "لمكان الإرسال" بزيادة اللام، قال السنديّ رَحِمَهُ اللهُ: الظاهر أن قوله: "لمكان الإرسال" هو خبر "كانت"، فالوجه حذف اللام، ويقال: "إمكانَ الإرسال"، وأما مع اللام فوجهه أن يقال: إن قوله: "لإمكان الإرسال" مذكور على أنه من كلام المستدلّ، أي فإذا كانت العلّة هو ذكره بقوله: "لإمكان الإرسال". انتهى.

وكتب بعضهم بعد ذكر كلام السنديّ المذكور: ما نصّه: ثم اعلم أن النسخ هَهنا مختلفة، ففي النسخة الهنديّة التي بأيدينا "لمكان الإرسال"، وفي النسخة المصريّة بدله: "مكانَ الإرسال"، وكتب في هامش النسخة الهنديّة قوله: "لمكان" كذا في النسخ، ولعله "إمكان الإرسال" كما سبق مثل هذه العبارة في السطر الحادي عشر من الصفحة السابقة، فيكون خبر "فإذا كانت" كما هو فيما قبله، ويجوز أن يكون الخبر "عند من": أي إذا كانت العلّة المذكورة معتبرةً عند من، فحينئذ "لمكان" صحيح، فيكون متعلّقًا بمعتبرة. انتهى. وقد عرفت أن في النسخ المصريّة بلفظ "إمكان"، قلت: وهل يمكن أن يكون هذا اللفظ "لمكان الإرسال" بفتح اللام على أن اللام للتأكيد، وليست بحرف جرّ، فليُسأل؟ . انتهى ما كتبه بعضهم (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر أن ما في معظم النسخ بلفظ "إمكان الإرسال" هو الصواب، وأما النسخ التي فيها اللام فالظاهر أنها غلطٌ، فلا حاجة إلى هذه التكلّفات التي ذكروها في توجيه هذه النسخة، ومما يؤيّد هذا أن هذه العبارة


(١) انظر التعليق على "الحل المفهم لصحيح مسلم" ص ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>