للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو جميع ما على الأرض. أفاده في "القاموس" (١).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه": قوله: "أجدى على الأنام" هو بالجيم، و"الأنام" بالنون، ومعناه: أنفع للناس، هذا هو الصواب، والصحيح، ووقع في كثير من الأصول: "أجدى عن الأثام" بالثاء المثلّثة، وهذا وإن كان له وجه، فالوجه هو الأول. ويقال في "الأنام" أيضًا: "الأنيم". حكاه الزبيديّ، والواحديّ، وغيرهما. انتهى (٢).

(وَأَحْمَدَ لِلْعَاقِبَةِ) أي أكثر محمدةً في آخر الأمر. وإنما قال: - {أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} - عملًا بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية [الكهف: ٢٣ - ٢٤]. وذلك لأنه ذكر أنه سيكشف فساد قول هذا المنتحل، ويردّ على مقالته السيئة، وأخبر أن ذلك سيكون أنفع للناس، وأحمد عاقبة، وهذا لا يكون إلا بتوفيق الله تعالى ومشيئته، لا بحول أحد ولا قوته، فلا حول ولا قوّة إلا بالله. والله تعالى أعلم بالصواب.

قال رحمه الله تعالى موضّحًا كلام المنتحل المذكور:

(وَزَعَمَ الْقَائِلُ الَّذِي افْتَتَحْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْحِكَايَةِ عَنْ قَوْلِهِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ سُوءِ رَوِيَّتِهِ، أَنَّ كُلَّ إِسنَادٍ لِحَدِيثٍ، فِيهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُمَا قَدْ كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى الرَّاوِي، عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ، قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ، وَشَافَهَهُ بِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ مِنْهُ سَمَاعًا، وَلَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا قَطُّ، أَوْ تَشَافَهَا بِحَدِيثٍ، أنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ عِنْدَهُ بِكُلِّ خَبَرٍ جَاءَ هَذَا الْمَجِيءَ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ الْعِلْمُ، بِأَنَّهُمَا قَدِ اجْتَمَعَا مِنْ دَهْرِهِمَا مَرَّةً فَصَاعِدًا، أَوْ تَشَافَهَا بِالْحَدِيثِ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَرِدَ خَبَرٌ فِيهِ بَيَانُ اجْتِمَاعِهِمَا، وَتَلَاقِيهِمَا مَرَّةً مِنْ دَهْرِهِمَا، فَمَا فَوْقَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمُ ذَلِكَ، وَلَمْ تَأْتِ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ، تُخْبِرُ أَنَّ هَذَا الرَّاوِيَ عَنْ صَاحِبِهِ، قَدْ لَقِيَهُ مَرَّةً، وَسَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ الْخَبَرَ، عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ عِلْمُ ذَلِكَ، وَالْأَمْرُ كَمَا وَصَفْنَا حُجَّةٌ، وَكَانَ الْخَبَرُ عِنْدَهُ مَوْقُوفًا، حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ سَمَاعُهُ مِنْهُ لِشَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فِي رِوَايَةٍ مِثْلِ مَا وَرَدَ).

إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

بيّن رحمه الله تعالى أن هذا المنتحل زعم أن كلّ إسناد مُعَنْعَنٍ، قد عُلم معاصرة


(١) "القاموس المحيط" ص ٩٧٢.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>