للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَزِدْ فِي نَسَبٍ أَوْ وَصْفِ مَنْ ... فَوْقَ شُيُوخٍ عَنْهُمُ مَا لَمْ يُبَنْ

بنَحْوِ "يَعْنِي" أَوْ بِـ "أَنَّ" أَوْ بِـ "هُو" ... أَمَّا إِذَا أَتَمَّهُ أَوَّلَهُ

أَجِزْهُ فِي الْبَاقِي لَدَى الْجُمْهُورِ ... وَالْفَصْلُ أَوْلَى قَاصِرَ الْمَذْكُورِ

قال النووي: ومن ذلك احتياطه في تلخيص الطرق، وتحويل الأسانيد، مع إيجاز العبارة، وكمال حسنها. ومن ذلك حسن ترتيبه، وترصيفه الأحاديث على نسق يقتضيه تحقيقه، وكمال معرفته. بمواقع الخطاب، ودقائق العلم، وأصول القواعد، وخفيات علم الأسانيد، ومراتب الرواة، وغير ذلك. انتهى كلام النووي رحمه الله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[المسألة السابعة: في تراجم الكتاب]

اعلم: أنه ليس في "صحيح مسلم" بعد المقدّمة إلا الحديث السرد، وما يوجد في نسخه من الأبواب مترجمة، فليس من صنع المؤلّف، وإنما صنعه جماعة بعده من نُسّاخه، أو شُرّاحه، وأهمّهم الإمام النوويّ، وكانوا يضعونها على حاشيته. قاله الشيخ أحيد شاكر رحمهُ اللهُ تعالى (١).

هذا كله بالنسبة للأبواب التفصيليّة، وأما أسماء الكتب فإنها من وضع المصنّف، ولذا نجد لها ذكرًا في كتب الأقدمين، كما صرّح بذلك الحافظ أبو بكر أحمد بن عليّ ابن منجويه الأصفهانيّ المتوفّى سنة (٤٢٨) في كتابه "رجال صحيح مسلم" بأسماء الكتب التي في "الصحيح"، وتبعه على ذلك ابن القيسرانيّ المتوفّى سنة (٥٠٧) في "الجمع بين رجال الصحيحين". والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لقد أساء في هذا الصنيع بعض من نسخ الكتاب، ومنهم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، حيث أدخل التراجم في صلب الكتاب، فأوهم القارىء أنه من صنيع المصنّف، فبئسما صنع، فليُتنبّه لهذا الخطأ. والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وكان الحافظ السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى يرى أن يُترك الكتاب بلا تبويب، حيث قال: وكان الصواب ترك ذلك، ولهذا نجد النسخ القديمة ليس فيها أبواب البتّة، كنسخة بخطّ أبي إسحاق الصريفينيّ كذلك لا أبواب فيها أصلًا. انتهى (٢).

وقال الشيخ أبو عمرو رحمهُ اللهُ تعالى ما نصُّهُ: ثم إن مسلما -رحمهُ اللهُ وإيانا- رتب كتابه على الأبواب، فهو مبوب في الحقيقة، ولكنه لم يذكر فيه تراجم الأبواب؛ لئلا يزداد


(١) انظر مقدمة "مفتاح كنوز السنة" ١/ أ.
(٢) انظر ما كتبه الشيخ مشهور في كتابه ١/ ٣٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>