للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفاده الصبّان في "حاشية الأشمونيّ" (١).

و"النبيّ -صلى الله عليه وسلم-" إنسان أوحي إليه بشرع، وإن لم يؤمر بتبليغه، فإن أُمر بذلك، فرسول أيضًا. أو أمر بتبليغه، وإن لم يكن له كتابٌ، أو نسخٌ لبعض شرع من قبله، كيوشع، فإن كان له ذلك، فرسول أيضًا، قولان. فالنبيّ أعمّ من الرسول عليهما. وفي قول ثالث: إنهما بمعنًى، وهو معنى الرسول على الأولِ المشهورِ. قاله المحليّ في "شرح جمع الجوامع" (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بجملة الصلاة المذكورة:

[المسألة الأولى: في اختلاف العلماء في معنى الصلاة]

قال الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه": قال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يصلّون يُبّرِّكون. انتهى.

قال في "الفتح": تحت قول أبي العالية: أخرجه ابن أبي حاتم. وقال تحت قول ابن عبّاس: وصله الطبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال: يُبَرِّكون على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أي يدعون له بالبركة، فيوافق قول أبي العالية، لكنه أخصّ منه انتهى (٣).

وقال الإمام الترمذيّ رحمه الله تعالى في "جامعه": ورُوِيَ عن سفيان الثوريّ، وغيرِ واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الربّ الرحمةُ، وصلاة الملائكة الاستغفار انتهى كلام الترمذيّ (٤).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند الملائكة. حكاه البخاريّ عن أبي العالية. ورواه أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عنه. وقال غيره: الصلاة من الله عزّ وجلّ الرحمة. وقد يقال: لا منافاة بين القولين. والله أعلم. وأما الصلاة من الملائكة، فبمعنى الدعاء للناس، والاستغفار انتهى كلام


(١) راجع حاشية الصبّان على شرح الأشموني لألْفِيّة ابن مالك ج ١ ص ١٢.
(٢) شرح الجلال شمس محمد بن أحمد المحلّيّ على جمع الجوامع للتاج السبكيّ ج ١ ص ١٣ - ١٤.
(٣) فتح ج ٩ ص ٤٩.
(٤) جامع الترمذيّ بشرح تحفة الأحوذيّ ج ٢ ص ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>