للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأداء، فقد صرّح شيخه سعيد بن عمرو الأشعثيّ بالإخبار، وذكر شيخه باسمه، فقال: "أخبرنا سفيان"، فبيّن المصنّف ذلك؛ أداء للأمانة، وإن كان لا يختلف المعنى بذلك في الغالب، وهذا هو الذي حمل بعض العلماء على أن يُقَدِّموا مسلمًا على البخاريّ؛ حيث إنه أدقّ في الصناعة الحديثيّة، وإن كان البخاريّ أدقّ في مراعاة الأصحيّة، كما أشار إلى ذلك السيوطيّ في "ألفيّة الأثر" بقوله:

وَمَنْ يُفَضِّلْ مُسْلِمًا فَإِنَّمَا ... تَرْتِيبَهُ وصُنْعَهُ قَدْ أَحْكَمَا

والله تعالى أعلم.

[شرح الأثر]

(عَنْ طَاوُسٍ) بن كيسان اليمانيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، أنه (قَالَ: جَاءَ هَذَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَعْنِي) العناية ممن بعد طاوس: أي يريد بقوله: "هذا" الإشارة إلى (بُشَيْرَ بْنَ كَعْبٍ) بضمّ الموحّدة، وفتح المعجمة- ابن أبي الْحِمْيَري العدوي، ويقال: العامري أبو أيوب، رَوَى عن ربيعة الْجُرَشيّ، وشهد معه اليرموك، وشداد بن أوس، وأبي الدرداء، وأبي ذرّ، وأبي هريرة. ورَوَى عنه ابن بُرَيدة، وقتادة، وثابت البناني، وطلق بن حبيب، والعلاء بن زياد، وغيرهم. قال ابن المديني: معروف. وقال النسائي: ثقة. وذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل البصرة، وقال: كان ثقة إن شاء الله تعالى. وقال عمرو ابن دينار: قال لي طاوس: اذهب بنا نجالس الناس، فجلسنا إلى رجل من أهل البصرة، يقال له: بُشَير بن كعب العدوي، فقال طاوس: رأيت هذا أتى ابن عباس، فجعل يحدثه، فقال ابن عباس: كأني أسمع حديث أبي هريرة، وهو الذي أنكر عليه ابن عباس الإرسال، وقصته في "مقدمة صحيح مسلم". وهو الذي قال لعمران بن حصين لَمّا حدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بحديث: "الحياء خير كله"، فقال بُشير بن كعب: إن في الحكمة مكتوبا منه ضعف، ومنه وقار، فغضب عمران عليه. أخرج ذلك البخاري ومسلم من حديث أبي السَّوّار عنهما، وأخرجه مسلم من حديث أبي قتادة الْعَدَويّ أيضا عنهما. وقال العجلي: بصري تابعي ثقة. وقال الحاكم عن الدارقطني: ثقة. وذكر ابن حبان في "الثقات" أن بُشَير بن كعب الذي شهد اليرموك آخر غير صاحب الترجمة. أخرج له البخاريّ، والأربعة، وله عند المصنّف ذكرٌ فقط.

(فَجَعَلَ) أي شرع، فـ "جعل" من أفعال الشروع التي تنسخ المبتدأ والخبر، واسمها ضمير بُشير، وخبرها قوله: (يُحَدِّثُهُ) ولا يقترن بـ "أَنْ"، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":

........................... ... وَتَرْكُ "أَنْ" مَعْ ذِي الشُّرُوعِ وَجَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>