للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَاكَ مَعْمولٌ لِفِعْلٍ فَسَّرَهْ ... مَا بَعْدَ فَاءٍ بَعَدَهَا مُؤَخِّرَهْ

وَالظَّرْفُ وَالْمَجْرُورُ تِلْكَ سِتُّ ... قَدْ قَالَهَا كُلُّ إِمَامٍ ثَبْتُ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: في الكلام على "بَعْدُ"

قال الفيّوميّ رحمه الله تعالى: "بَعْدُ": ظرف مُبهَم، لا يُفهُم معناه إلا بالإضافة لغيره، وهو زمانٌ مُتراخٍ عن السابق، فإن قرُب منه قيل: بُعيدَه بالتصغير، كما يقال: قبل العصر، فإذا قرَب قيل: قُبيل العصر بالتصغير، أي قريبًا منه، ويُسمّى تصغير التقريب. (١).

وهو من الأسماء الملازمة للإضافة التي بيّنها ابن مالك رحمه الله تعالى في "الخلاصة" بقوله:

وَاضْمُمْ بِنَاءً "غَيْرًا" انْ عَدِمْتَ مَا ... لَهُ أُضِيفَ نَاوِيًا مَا عُدِمَا

"قَبْلُ" كـ "غَيْرُ" "بَعْدُ" "حَسْبُ" "أوَّلُ" ... وَدُونُ وَالْجِهَاتُ أَيْضًا وَ"عَلُ"

وَأَعْرَبُوا نَصْبًا إِذَا مَا نُكِّرَا ... "قَبْلًا" وَمَا مِنْ بَعْدِهِ قَدْ ذُكِرَا

فهذه الأسماء لها أربعة أحوال، تبنى في حالة منها، وتعرب في بقيّتها، فالأحوال الثلاثة:

الأولى: أن تضاف لفظًا، نحو جئت بعد زيدٍ الثانية: أن يحذف المضاف إليه، ويُنوَى لفظه، فتبقى كالمضاف لفظًا، ولا تنوّن، نحو جئتُ بعدَ، ونحو قوله [من الطويل]:

وَمِنْ قَبْلِ نَادَى كُلُّ مَوْلًى قَرَابَةً ... فَمَا عَطَفَتْ مَوْلًى عَلَيْهِ الْعَوَاطِفُ

الثالثة: أن يُحذف المضاف إليه، ولا يُنوَى لفظًا، ولا معنًى، فتكون حينئذ نكرةً، وتنوَن، نحو جئتُ بعدًا، ونحو قوله [من الطويل]:

فَسَاغَ لِيَ الشَّرَابُ وَكُنْتُ قَبْلًا ... أَكَادُ أَغَصُّ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ

فهذه الأحوال الثلاثة هي التي تعرب فيها.

أما الحالة الرابعة التي تُبنى فيها، فهي أن يُحذف المضاف إليه، ويُنوَى معناه، دون لفظه، فإنها تبنى على الضمّ، نحو قوله تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} الآية.


(١) "المصباح المنير" في مادّة بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>