للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا اختلف حماد بن زيد، وغيره، في حديث أيوب بن أبي تميمة، فالقول قول حماد ابن زيد. وقد روى ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين، أنه قال: ليس أحد في أيوب أثبت من حماد بن زيد. قلت: ولهذا قدم مسلم في هذا الحديث طريق حماد على طريق ابن علية. والله عز وجل أعلم.

وقد أخرجه البخاري عن سليمان بن حرب، وأبو داود عن مسدد، والنسائي عن قتيبة، كلهم عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فتبين اتصاله، والحمد للَّه.

وقوله في هذا الحديث: "وقصته ناقته" ورُوي "فأوقصته"، وهما صحيحان. قاله القاضي، أبو الفضل اليحصبي. قال ولم يذكر صاحب "الأفعال إلا "وقصه" لا غير، والوقص ههنا كسر العنق، ومعناه: أنها صرعته، فدقت عنقه. وجاء في بعض طرقه أيضًا "فأقعصته": ومعناه: قتلته لوقته. ورُوي "فأقصعته" بتقديم الصاد على العين، ومعناه: فضخته، وهكذا جاء "فأقعصته" رباعيا. وقال بعض العلماء: الوجه فيه أن يكون ثلاثيا. والله عز وجل أعلم.

[(٢٠) - الحديث السابع]

أخرج مسلم رحمه الله في "كتاب الجنائز" حديث عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جده، قال: حدثني عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب أنه قال: حدثني رجال عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث معمر، يعني حديثه عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، فله قيراط، ومن شهدها حتى تُدفن فله قيراطان".

قلت: وقول الزهري في هذا الإسناد: حدثني رجال، ولم يسم واحدا منهم، يدخل في باب المقطوع على مذهب الحاكم وغيره، وهذا الحديث قد أخرجه مسلم رحمه الله متصلا من غير وجه، فأخرجه من حديث يونس بن يزيد، عن الزهري، عن الأعرج. ومن حديث معمر بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، كلاهما عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم أردفهما بحديث عُقيل الذي ذكرناه.

وهذا الاختلاف الذي وقع في إسناد هذا الحديث عن الزهري، لا يؤثر في صحته، فإن الحديث قد يكون عند الراوي له عن جماعة من شيوخه، فيحدث به تارة عن بعضهم، وتارة عن جميعهم، وتارة يُبْهِم أسماءهم، وربما أرسله تارة على حسب نشاطه وكسله، كما أشار إليه مسلم رحمه الله في "مقدمة كتابه" (١)، ومع ذلك فلا يكون ما


(١) سيأتي هذا في أواخر "المقدّمة" عند الكلام على العنعنة، حيث وصف الأئمة الذين نقلوا الأخبار: =

<<  <  ج: ص:  >  >>