للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ السخاويّ: ما نصّه: وما أحسن صنيع مسلم حيث أخرج حديث عبد الأعلى، عن داود، عن الشعبيّ، عن علقمة، عن ابن مسعود في مجيء داعي الجنّ إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وذهابه معهم ... إلى آخر كلامه (١).

ومنها: أنه أخرج حديثا من طريق علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عبد الله بن الزبير، ثم أخرجه من طريق عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير، ثم قال: وحدثنا أبو كريب، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: لَمّا كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه النسوة ... وساق الحديث بمعنى حديث ابن مسهر في هذا الإسناد، ولم يذكر عبد الله ابن عروة في الحديث، ولكن أدرج القصّة في حديث هشام عن أبيه، عن ابن الزبير.

فقد بيّن رحمه الله تعالى أن القصّة مع بقية الحديث إنما هي من رواية عبد الله بن عروة عن ابن الزبير، لا من رواية هشام بن عروة عن أبيه، وإنما أدرج الراوي القصّة، وجعلها في حديث هشام بن عروة، مع كونها ليست من حديثه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الثانية: في قوله: "المعلّلة".

اعلم: أن المصنف رحمه الله تعالى استعمل لفظ "المعلّلة" بلامين، وهو استعمالٌ غير جيّد؛ لأنه اسم مفعول من علّله: بمعنى ألهاه بالشيء، وشغله به، وليس هذا الفعل مستعملًا في كلامهم، بل عبارات المحدّثين في الفعل أن يقولوا: أعله فلان بكذا.

ووقع أيضًا في عبارة البخاريّ، والترمذيّ، والدارقطنيّ، وغيرهم التعبير بـ "المعلول"، وأنكره ابن الصلاح، والنوويّ، وقال: إنه لحنٌ، وأنكره أيضًا العراقيّ، والحريريّ في "دُرّة الغوّاص"، لأن اسم مفعول أعلّ الرباعيّ لا يأتي على مفعول؛ لكن تعقّب هذا القول بأنه ثبت في اللغة عُلّ الإنسان ثلاثيّا: بمعنى مرض، قال في "المصباح المنير": عُلّ الإنسان بالبناء للمفعول: مَرِضَ، ومنهم من يَبنيه للفاعل، من باب ضرب، فيكون المتعدّي من باب قتل، فهو عليل، وأعلّه الله فهو معلول، قيل: من النوادر التي جاءت على غير قياس، وليس كذلك، فإنه من تداخل اللغتين، والأصل: أعله الله، فعُلّ، فهو معلول، أو من علّه، فيكونه على القياس، وجاء مُعلّ على القياس، لكنه قليل الإستعمال. انتهى باختصار.

فأفاد أن قول المحدّثين: معلول جار على اللغة، وليس بلحن، ويؤيّده أيضًا


(١) "فتح المغيث" ١/ ٢٨٦ - ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>