للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أمثلةً متعدّدة (يُسْتَدَلُّ بِهَا) بالبناء للمفعول: أي بتلك الروايات، أو الأمثلة (عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا) وقوله: (إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى) جملة إنشائيّة، أتي بها للتبرّك، امتثالًا لقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية [الكهف: ٢٣ - ٢٤]. والله تعالى أعلم بالصواب.

ثم ضرب بعض الأمثلة التي يُستدلّ بها على ردّ رأي الْمُختَرع في زعمه، كما وعد بها آنفًا، فقال:

(فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ، وَابْنَ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعًا، وَابْنَ نُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةً غَيْرَهُمْ، رَوَوْا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلِّهِ وَلِحِرْمِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ".

فَرَوَى هَذ الرِّوَايَةَ بِعَيْنِهَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَدَاوُدُ الْعَطَّارُ، وَحُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ رضي الله عنهما).

إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

يعني أن من جملة العدد الذي يُستدلّ به على ما ذُكر من أن بعض الرواة يسمع الحديث بواسطة، فيرسله أحيانًا؛ لعدم نشاطه، ويوصله أحيانًا؛ لنشاطه ما رواه أيوب السختيانيّ، وابن المبارك، ووكيع بن الجرّاح، وعبد الله بن نمير، وجماعة آخرون عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كنتُ أطيّب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحلّه ولحرمه بأطيب ما أجد"، فقد روى هذه الرواية نفسَها جماعة آخرون: الليث بن سعد، وداود بن عبد الرحمن العطار، وحُميد بن الأسود، ووُهيب بن خالد، وأبو أسامة كلهم عن هشام بن عروة، عن أخيه عثمان بن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-.

قال ابن رُشيد بعد إيراده كلام مسلم هذا: ما نصّه: ثم أوردت في كتابك حديث عثمان (١)؛ لأنه الذي رَجَحَ عندك أنه المسند، ومن أسقطه أرسل، ولسنا ننفي أن يحصُل ظنّ في بعض الأحاديث بأن الحكم لمن زاد كما قد يَرْجَح أيضًا في بعضٍ أن الحكم لمن نقص، فتعميم الحكم في المسألة لا يصحّ. انتهى (٢).

قلت: خلاصة ما يُفهم مما سبق في كلام مسلم، وتعليق ابن رُشيد عليه ترجيح


(١) أي حيث أخرجه في "صحيحه" برقم ٤/ ١٠ - ١١.
(٢) راجع "السنن الأبين" ص ٩٦ - ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>