للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنعِن -بالكسر- للمعنعَن عنه -بالفتح- وقد أمكن أن يتلاقيا، ويتشافها بالحديث، إلا أنا لا نعلم ذلك منهما يقينًا، أنه لا يجوز الاحتجاج بذلك الحديث المعَنْعَن إلا إذا ثبت تلاقيهما، وتشافههما بالحديث، وكان ذلك الخبر موقوفًا إلى أن يتبيّن السماع، وكذا كلّ خبر جاء هذا المجيء. هذا خلاصة كلامه رحمه الله تعالى.

إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

(وَزَعَمَ الْقَائِلُ) أي قال قولًا غير صواب؛ لأن أكثر استعمال "زعم" للباطل، فقد تقدّم عن الفيّوميّ، قال: قال الأزهريّ: أكثر ما يكون الزعم فيما يُشكّ فيه، وقال بعضهم: هو كناية عن الكذب، وقال المرزوقيّ: أكثر ما يستعمل فيما كان باطلًا، أو فيه ارتياب. وقال ابن الْقُوطيّة: زعم زعمًا قال خبرًا، لا يُدرى أحقٌّ هو أو باطلٌ. انتهى. (الَّذِي افْتَتَحْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْحِكَايَةِ عَنْ قَوْلِهِ، وَالْإِخْبَارِ) بالجرّ عطفًا على "الحكاية"، ويحتمل النصب عطفًا على "الكلام" (عَنْ سُوءِ رَوِيَّتِهِ) أي فساد فكره. قال الفيّوميّ: الرَّوِيّة: الفكر، والتدبّر، وهي كلمة جرت على ألسنتهم بغير همز؛ تخفيفًا، وهي من رَوَّأْتُ في الأمر بالهمز: إذا نظرت فيه. انتهى (١).

(أَنَّ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها موقع المفرد؛ إذ المصدر المؤول مفعول "زعم" (كُلَّ إِسْنَادٍ لِحَدِيثٍ، فِيهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ) أي روى فلان عن فلان، وهو المسمّى بالمعنعن، وقد تقدّم تعريفه أول الباب (وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُمَا) الواو حالية: أي والحال أنه قد أحاط علمنا بأن كلّا من فلان وفلان (قَدْ كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ) أي زمن واحد، قال المجد: العصر مُثلّثة، وبضمّتين: الدهر، جمعه: أعصارٌ، وعُصُورٌ، وأَعْصُرٌ، وعُصُرٌ. انتهى (٢).

وإنما قيد بكونهما في عصر واحد؛ لأنهما لو كانا في عصرين لكان الحديث منقطعًا بلا خلاف. والله تعالى أعلم.

(وَجَائِزٌ) الواو حاليّة أيضًا: أي والحال أنه جائزٌ: أي ممكن (أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى الرَّاوِي) أي حمله، يقال: رويتُ الحديث، من باب رمى: إذا حملته، ونقلته، ويُعَدّى بالتضعيف، فيقال: رَوّيت زيدًا الحديثَ، ويُبنى للمفعول، فيقال: رُوِّينا الحديث. قاله الفيّوميّ (٣). (عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ، قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ، وَشَافَهَهُ بِهِ) أي خاطبه به (غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَعْلَمُ) بالبناء للفاعل (لَهُ) أي للراوي (مِنْهُ) أي من المرويّ عنه (سَمَاعًا، وَلَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا قَطُّ) تقدم بيان ضبطها، وهي ظرف للزمان


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٧.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٣٩٧.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>