للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماضي، والغالب اختصاصها بالنفي، نحو ما رأيته قط، وقد تأتي في الإثبات، كحديث البخاريّ في "الكسوف": "أطول صلاة صليتها قطّ"، وقد تقدّم تمام البحث في هذا (أَوْ تَشَافَهَا بِحَدِيثٍ) الظاهر من تصرّف المصنّف رحمه الله تعالى أن "أو" بمعنى الواو؛ لأنه جعل محط قول المنتحل اشتراط السماعِ، كما سيأتي تحقيقه (أَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ عِنْدَهُ) أي عند هذا القائل (بِكُلِّ خَبَرٍ جَاءَ هَذَا الْمَجِيءَ) أي بالعنعنة (حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ الْعِلْمُ) يحتمل أن تكون "يكون" ناقصة، و"العلم" اسمها، وخبرها الظرف مقدّمًا، ويحتمل أن تكون تامّة، و"العلم" فاعلها.

قال النوويّ رحمه الله تعالى: قوله: "حتى يكون الخ" هكذا ضبطناه، وكذا هو في الأصول الصحيحة المعتمدة "حتّى" بالتاء المثنّاة من فوقُ، ثم المثنّاة من تحتُ. ووقع في بعض النسخ: "حين" بالياء، ثم النون، وهو تصحيف. انتهى (١).

وقوله: (بِأَنَّهُمَا) متعلّقٌ بـ "العلم": أي بأن المعنعن والمعنعن عنه (قَدِ اجْتَمَعَا مِنْ دَهْرِهِمَا) يحتمل أن تكون "من" بمعنى "في"، أو هي للبيان مقدّمة على قوله: (مَرَّةً فَصَاعِدًا) أي فما فوق ذلك. وقد جاء نظير هذا التركيب في الحديث الصحيح: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، فصاعدًا": أي فما زاد عليها، كقولهم: اشتريته بدرهم، فصاعدًا. قال سيبويه: وقالوا: أخذته بدرهم فصاعدًا، حذفوا الفعل؛ لكثرة استعمالهم إياه، ولأنهم أَمِنُوا أن يكون على الباء؛ لأنك لو قلت: أخذته بصاعدٍ كان قبيحًا؛ لأنه صفة، ولا يكون في موضع الاسم، كأنه قال: أخذته بدرهم، فزاد الثمن صاعدًا، أو فذهب صاعدًا، ولا يجوز أن تقول: وصاعدًا؛ لأنك لا تريد أن تُخبر أن الدرهم مع صاعد ثمن لشيء، كقولك وزيادة، ولكنك أخبرت بأدنى الثمن، فجعلته أوّلًا، ثم قرّرت شيئًا بعد شيء لأثمان شتّى، قال: ولم يُرَد فيها هذا المعنى، ولم يلزم الواو الشيئين (٢) أن يكون أحدهما بعد الآخر، و"صاعدًا" بدل من زاد، ويزيد، و"ثُمّ" مثل الفاء لأن الفاء (٣) أكثر في كلامهم. قال ابن جني: وصاعدًا حال مؤكّدة، ألا ترى أن تقديره. فزاد الثمن صاعدًا، ومعلوم أنه إذا زاد الثمن لم يكن إلا صاعدًا. ذكره محمد مرتضى في "شرح القاموس" (٤).

(أَوْ) الحق أن "أو" هنا بمعنى الواو؛ لأن سياق المصنّف أن حواره مع من


(١) "شرح مسلم" ١/ ١٢٩ - ١٣٠.
(٢) هكذا النسخة: "ولم يلزم الواو الشيئين الخ" والظاهر أن الصواب -كما أشار إليه في الهامش-: "ولم يلزم الواو التي لأحد الشيئين".
(٣) هكذا النسخة، والظاهر أن الصواب -كما أشار إليه في الهامش-: "إلا أن الفاء أكثر الخ".
(٤) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٢/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>