للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُمُ الْمُخَضْرَمُونَ مُدْرِكُ ... نُبُوَّةٍ وَمَا رَأَى مُشْتَرَكُ

ومنها: أن صحابيّه أحد الخلفاء الراشدين الأربعة، وأحد العشرة المبشّرين في الجنّة، وكان يُلقّب بالفاروق، وقد مرّ سبب تلقيبه به في ترجمته، جم المناقب -رضي الله عنه-. والله تعالى أعلم.

[شرح الحديث]

(عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ) عبد الرحمن بن عمرو، أنه (قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ) تعالى (عَنْهُ: "بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الْكَذِبِ) الباء زائدة، و "حسب" خبر مقدَّم لقوله: "أن يُحدّث"، وهو بإسكَان السين، ومعنَاه يكفيه ذلك من الكذب، فإنه قد استكثر منه. وقوله: (أَنْ يُحَدِّثَ) بالبناء للفاعل في تأويل المصدر مبتدأ مؤخّر (بِكُلِّ مَا سَمِعَ) وإنما كان هذا كافيه من الإثم؛ لأن كلّ ما سمع الإنسان لا يخلو عن كذب، فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب، فإذا حدّث بكلّ ما سمع، فقد كذب؛ لإخباره بما لم يكن، وقد تقدّم أن مذهب أهل الحقّ أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، ولا يُشترط فيه التعمّد، لكن التعمّد شرط في كونه إثمًا. قاله النوويّ (١).

[تنبيه]: أثر عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رَحِمَهُ اللهُ، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، أخرجه هنا بهذا الإسناد فقط، انظر "تحفة الأشراف" ٨/ ٨٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

١٠ - (وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ، حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا، وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ).

رجال هذا الإسناد: ثلاثة:

١ - (أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ) -بمهملات- الأمويّ مولاهم المصريّ الحافظ.

رَوَى عن ابن وهب فأكثر، والشافعي، والوليد بن مسلم، وابن عيينة، وخالد بن نزار الأيلي، وعبد الله بن نافع الصائغ، وبشر بن بكر، وأيوب بن سويد، وخاله عبد الرحمن بن عبد الحميد. وروى عنه مسلم، والنسائيّ، وابن ماجه، وبَقِيّ بن مَخْلَد،


(١) "شرح النوويّ" ١/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>