للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لطائف هذا الإسناد]

منها: أنه من خماسيات المصنف رحمهُ اللهُ تعالى. ومنها: أن رجاله كلهم رجال الجماعة، إلا شيخه، فتفرّد به هو وأبو داود، والنسائيّ. ومنها: أنه ليس في "الصحيحين" من يكنى أبا حَصِين بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين إلا أبا حَصِين هذا، ومن عداه، فهو حُصين، وإلى هذا أشار السيوطيّ في "ألفية الحديث" حيث قال:

أَبَا حَصِينِ الأَسَدِيَّ كَبِّرِ ... ثُمَّ رُزَيْقَ بْنَ حُكَيْمٍ صَغِّرِ

ومنها: أن شيخه بصريّ، وأبو عوانة واسطيّ، وأبو حَصِين كوفيّ، والباقيان مدنيّان. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ: أبو حَصِين عن أبي صالح. ومنها: أن فيه أبا هريرة -رضي الله عنه- أحفظ من روى الحديث في دهره، وهو رأس المكثرين السبعة المذكورين في لطائف السند الماضي، روى (٥٣٧٤) حديثًا. والله تعالى أعلم.

ومنها: أن فيه التحديث، والعنعنة، وكلاهما من صيغ الاتصال على الأصحّ في "عن" من غير المدلّس. ومنها: أن ثلاثة من رجاله ممن اشتهر بكنيته، أبو عوانة، وأبو صالح، وأبو هريرة. ومنها: أن كنية أبي هريرة ليست كنية حقيقة، وإنما هي لقب بصورة الكنية، وإنما لقّب به لأجل هرّة كانت معه، فقد أخرج الترمذيّ، وحسّنه عن عبد الله بن رافع، قال: قلت لأبي هريرة: لم كنّوك أبا هريرة؟ قال: أما تَفْرَقُ منّي؟ قلت: بلى إني لأهابك، قال: كنت أرعى غنما لأهلي، فكانت لي هُريرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل في شجرة، فإذا كان النهار ذهبت بها معي، فلعبت بها، فكنوني أبا هريرة. وعن أبي معشر نجيح، عن محمد بن قيس، قال: كان أبو هريرة يقول: لا تكنوني أبا هريرة، كناني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا هِرّ، قال: "ثكلتك أمك أبا هرّ"، والذكر خير من الأنثى. وعن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح أن أبا هريرة كان يقول: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يدعوني أبا هرّ (١).

[تنبيهات]:

(الأول): اختلف في أبي هريرة، هل هو منصرف، أم لا؟ ، قال القاري في "المرقاة": جرّ أبي هريرة بالكسر هو الأصل، وصوّبه جماعة؛ لأنه جزء علم، واختار آخرون منع صرفه، كما هو الشائع على ألسنة العلماء، من المحدّثين، وغيرهم؛ لأن الكلّ صار كالكلمة الواحدة. انتهى. قال المباركفوريّ: الراجح منعه من الصرف، ويؤيّده منع صرف "ابن داية" علمًا للغراب، قال قيس بن الملوّح، مجنون ليلى [من الطويل]:


(١) انظر "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٥٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>