للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "فلم يقدّر له الخ" تقدّم في المسألة السابقة ردّ هذا الكلام، فلا تغفل. والله تعالى أعلم.

قال: وثلاث طبقات أسقطهم أهل المعرفة:

الأولى: من وُسِم بالكذب ووضع الحديث.

الثانية: من غَلَب عليه الوهم والغلط، حتى استغرق روايته.

الثالثة: من غلَت في البدعة، ودعت إليها، وحرّفت الروايات، وزادت فيها؛ ليحتجّوا بها.

والسابعة: قوم مجهولون، انفردوا بروايات لم يُتابعوا عليها، فقبِلَهم قوم، وأوقفهم آخرون انتهى كلام الغسّانيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى (١).

وقد تعقّب القاضي قول الغساني: إن حديث أهل البدعِ الأثبات الذين لا يَدْعون إلى بدعتهم متفق عليه. فقال: لا يسلم له، بل قد اختَلف في ذلك المحدثون، والفقهاء، والأصوليون، وسنبين ذلك بعدُ عند تنبيه مسلم عليه. انتهى (٢).

قلت: سيأتي تمام البحث في الرواية عن المبتدعة عندما يتعرض الإمام مسلم رَحِمَهُ اللهُ تعالى لذكرها -إن شاء الله تعالى-. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في قوله: "أو أن يُفصَّل ذلك المعنى على اختصاره الخ"، فقد اشتمل على مسألتين.

[المسألة الأولى: رواية الحديث بالمعنى]

اعلم: أنه اتفق العلماء على أن الراوي إذا لم يكن عالمًا بالألفاظ ومدلولاتها، ومقاصدها، ولا خبيرًا بما يُحيل معانيها، ولا بصيرًا بمقادير التفاوت بينها لم تجز له رواية ما سمعه بالمعنى، بل يجب أن يحكي اللفظ الذي سمعه من غير تصرّف فيه، هكذا نقل ابن الصلاح، والنوويّ، وغيرهما الاتفاق عليه.

ثم اختلفوا في جواز الرواية بالمعنى للعارف العالم:

فمنعها أيضًا كثير من العلماء بالحديث والفقه والأصول. وبعضهم قيد المنع بأحاديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المرفوعة، وأجازها فيما سواه، وهو قول مالك، رواه عنه البيهقيّ في "المدخل"، وروى عنه أيضًا أن كان يتحفّظ من الباء، والياء، والتاء في حديث


(١) راجع "مقدمة إكمال المعلم" ص ١٤٧ - ١٤٩.
(٢) "مقدمة إكمال المعلم" ص ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>