للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له رأيا قويّا. وقوله: (وَمَذْهَبًا صَحِيحًا) مؤكّد لما قبله (إِذ الإعراض) "إذ" تعليليّة: أي لأن الإعراض (عَنِ الْقَوْلِ الْمُطَّرَحِ) أي المرميّ، وهو بضم الميم، وتشديد الطاء المهملة: اسم مفعول من باب الافتعال، مبالغة في الطرح: أي الرمي (أَحْرَى لِإِمَاتَتِهِ) أي أحقّ وأولى لإماتة ذلك القول، وإعدامه. (وَإِخْمَالِ ذِكْرِ قَائِلِهِ) أي إسقاطه، والخامل بالخاء المعجمة: الساقط، يقال: خمل الرجل خُمُولًا، من باب قعد، فهو خامل: أي ساقط النَّبَاهة، لا حظّ له، مأخوذ من خَمَل المنزل خُمُولًا: إذا عَفَا ودَرَس. قاله الفيّومي (١). (وَأَجْدَرُ) أي أحقّ (أنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ) أي ذكره، وإشاعته (تَنْبِيهًا لِلْجُهَّالِ عَلَيْهِ) فيه أن ذكر القول السيّىء، والفعل السخيف يكون ضررًا على العوامِّ، إذ فيه تنبيه لهم، وإلفات لأنظارهم نحوه، وربّما يتسبّب لاقتفاء آثارهم السيّئة (غيْرَ أَنَّا) بفتح الهمزة؛ لوقوعه موقع المضاف إليه (لَمَّا) -بفتح اللام، وتشديد الميم- أي حين (تَخَوَّفْنَا مِنْ شُرُورِ الْعَوَاقِبِ) جمع عاقبة، وهي آخر الشيء، وإضافة "شرور" إليه بمعنى "في": أي من الشرور الحاصلة في آخر الأمر (وَاغْتِرَارِ الْجَهَلَةِ) -بفتحتين- جمع جاهل، ككامل وكملة (بِمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ) -بضم الميم، وفتح الدال المهملة: جمع مُحدَثة، وهي الأمور التي ابتدعها أهل الأهواء. قاله الفيّوميّ. وإضافته إلى "الأمور" من إضافة الصفة إلى الموصوف: أي الأمور المحدثة، والجار والمجرور متعلّق بـ "الجهلة" (وَإِسْرَاعِهِمْ إِلَى اعْتِقَادِ خَطَإِ الْمُخْطِئِينَ) أي تصويبه، يعني أنهم لجهلهم إذا سمعوا، أو رأوا شيئا محدثًا يعتقدونه صوابًا (وَالْأَقْوَالِ السَّاقِطَةِ) بالجرّ عطفًا على "اعتقاد" (عِنْدَ الْعُلَمَاءِ) متعلّق بـ "ساقطة": أي الأقوال التي لا قيمة لها عندهم؛ لكونها خطأ (رَأَيْنَا الْكَشْفَ) أي الإيضاح والتبيين (عَنْ فَسَادِ قَوْلِهِ) أي قول المنتحل (وَرَدَّ مَقَالَتِهِ) بنصب "ردّ" عطفًا على "الكشف"، ويحتمل جرّه عطفًا على "فساد": أي رأينا الكشف عن ردّ مقالته (بقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِهَا) أي يناسبها. يقال: لاق الشيءُ بغيره يليق به: إذا لزِقَ، وما يليق به أَن يفعل كذا: أي لا يَزْكُو، ولا يناسبه. أفاده الفيّوميّ. (مِنَ الرَّدِّ) بيان لما يليق. وقوله: (أَجْدَى عَلَى الأَنَامِ) مفعول ثانٍ لرأينا. ومعناه: أفضل لهم، قال الفيّوميّ رحِمَهُ الله تعالى: جدا فلان علينا جَدْوًا، وجَدًا، وزانُ عصًا: إذا أفضل، والاسم الْجَدْوى، وجدوته، واجتديته، واستجديته: سألته، فأجدى عليّ: إذا أعطاك، وأجدى أيضًا: أصاب الْجَدْوى، وما أجدى فعله شيئًا مستعار من الإعطاء، إذا لم يكن فيه نفعٌ، وأجدى عليك الشيءُ: كفاك. انتهى (٢).

و"الأنام" كسحاب، والآنام كساباط، والأنيم كأمير: الخلق، أو الجنّ والإنس،


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٨٢.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>