للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمفعول، والجملة صفة "إمامًا" (حَتَّى يُمْسِكَ) بضم أوله، وكسر ثالثه، من الإمساك، وهو كناية عن الترك (عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ) أي عن التحديث ببعض ما سمع، والمراد بالبعض هو الذي يكون كذبًا، أو يُشكّ في كونه كذبًا. والمعنى أن مما ينبغي للشخص الذي يستحقّ أن يكون قدوة للناس أن لا يُحدّث إلا بما يتيقّن أنه صدقٌ، ويترك ما لا يتيقّن صدقه؛ لأن ذلك أدعى لاستجابة الناس له، وإقبالهم عليه، واستفادتهم منه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

١٣ - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: سَأَلَنِي إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَاكَ قَدْ كَلِفْتَ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ، فَاقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةً، وَفَسِّرْ، حَتَّى أَنْظُرَ فِيمَا عَلِمْتَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَقَالَ لِيَ: احْفَظْ عَلَيَّ مَا أَقُولُ لَكَ: إِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَكُذِّبَ فِي حَدِيثِهِ).

رجال هذا الأثر أربعة:

١ - (يَحْيَى بْنُ يَحْيَى) التميميّ، أبو زكريّا النيسابوريّ الحافظ الحجة، تقدّم في ١/ ٩.

٢ - (عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ) هو عمر بن عليّ بن عطاء بن مقدّم -بوزن محمد- المقدّميّ، أخو أبي بكر المقدّميّ، أبو حفص البصريّ، واسطيّ الأصل، مولى ثقيف. قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي ذكره فأثنى عليه خيرا، وقال: كان يدلس. وقال ابن معين: كان يدلس، وما كان به بأس، حسن الهيئة، وأصله واسطي نزل البصرة، لم أكتب عنه شيئا. وقال ابن سعد: كان ثقة، وكان يدلس تدليسا شديدا، يقول: سمعت، وحدثنا، ثم يسكت، فيقول: هشام بن عروة، والأعمش، وقال: كان رجلا صالحا، ولم يكونوا ينقمون عليه غير التدليس، وأما غير ذلك فلا، ولم أكن أَقْبَل منه حتى يقول: حدثنا. وقال أبو حاتم: محله الصدق، ولولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة، غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. قال ابنه عاصم: مات سنة تسعين ومائة في جمادى الأولى، وفيها أرخه البخاري. وقال أبو موسى مات سنة (٩٢). وقال أبو زيد عمر بن شبة: كان مدلسا، وكان مع تدليسه أنبل الناس. وفي "الميزان" عن أحمد: عمرُ بنُ علي صالح عفيف مسلم عاقل، كان به من العقل أمر عجيب جدا، جاء إلى معاذ بن معاذ، فأَدَّى إليه مائتي ألف. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحكى القولين في وفاته. وقال الساجي: صدوق ثقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>