للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي مستجدّا بعد أن لم يكن (وَكَلَامًا خَلْفًا) بفتح الخاء المعجمة، وسكون اللام: أي ساقطا فاسدًا، قال الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الخلف وزانُ فلس، الرديء من القول، يقال: سكت ألفًا، ونطق خَلْفًا: أي سكت عن ألف كلمة، ونطق بخطإ. وقال أبو عبيد في "كتاب الأمثال": الخلف من القول السَّقَط الرديء، كالْخَلْفِ من الناس. انتهى (١).

(لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سَلَفَ) بصيغة الماضي: أي مضى. ويحتمل أن يكون "سَلَفٌ" بفتحتين مرفوعًا بدلا من "أحدٌ": أي لم يقله سلف.

(وَيَسْتَنْكِرُهُ) أي يُنكره، فالسين، والتاء للمبالغة (مَنْ) بفتح الميم موصولة بالظرف (بَعْدَهُمْ خَلَفَ) بصيغة الماضي أيضًا: أي أتى بعد السلف. ويحتمل أن تكون "من" حرف جرّ، و"بعدهم" مجرور بها، و"خلف" بفتحتين مرفوع على أنه فاعل "يستنكره".

والمعنى أن هذا الذي قاله هذا المنتحل من اشتراط السماع لقبول المعنعن لم يتقدّمه أحد من السلف، ولا يقبله، بل يستنكره كلّ من أتى من بعدهم من الخلف.

لكن قد عرفت مناقشته في هذا الادّعاء، وسيأتي أيضًا إكمال ما تبقّى من المناقشة قريبًا -إن شاء الله تعالى-.

(فَلَا حَاجَةَ بِنَا فِي رَدِّهِ) أي ردّ هذا القول المحدث فيِ زعمه (بِأَكْثَرَ مِمَّا شَرَحْنَا) أي أوضحنا فيما مضى من الكلام (إِذْ) تعليليّة، أي لأنه (كَانَ قَدْرُ الْمَقَالَةِ وَقَائِلِهَا الْقَدْرَ) بالنصب على أنه خبر "كان" (الَّذِي وَصَفْنَاهُ) أي بكونه قولا محدثًا، وكلاما خلفًا، غير مسبوق قائله به (وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ) أي الذي يُطلب منه العون (عَلَى دَفْعِ مَا خَالَفَ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ) بضم التاء، وسكون الكاف: اسم من الاتّكال، يقال: توكّل على الله: اعتمد عليه، ووثق به، واتّكل في أمره كذلك (٢)، أي وعليه الاتكال. انتهى شرح المقدمة، ولله تعالى الحمد والمنة، وله الفضل والنعمة، ومنه التوفيق والعصمة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه:

ولْنَعُد إلى إكمال مناقشة الإمام ابن رُشيد للمصنّف رحمهما الله تعالى فيما ذكره من قوله: "وهذا أبو عثمان النهديّ، وأبو رافع الصائغ -إلى آخر كلامه".

قال رَحِمَهُ اللهُ تعالى:

(الدليل الرابع): وهو أيضا خاصٌّ، وهو كالتتميم للثاني؛ لأنه تمثيل له، إلا أن


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٧٩.
(٢) راجع "المصباح المنير" ١/ ٦٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>