للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنبيه آخر]: قال الشيخ المعلّمي رحمهُ اللهُ تعالى بعد ذكر الاختلاف في إسناد هذا الحديث: ما حاصله: وفي هذا الحديث نظر من وجوه:

[الأول]: ما ذكره مسلم من أنه لا يعلم لحميد الحميريّ لقاء لأبي هريرة.

[الثاني]: ما سمعت من الاختلاف. [والثالث]: أنه لا يُتابع عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولا عن جندب، مع ما لأبي هريرة من الأصحاب الحفّاظ المكثرين. [والرابع]: أنه بالنسبة إلى الصوم ليس له شاهدٌ -فيما أعلم- إلا ما رواه الترمذيّ من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن عليّ. وقال الترمذيّ: حسنٌ غريب. وعبد الرحمن بن إسحاق هو ابن شيبة الواسطيّ، قال أحمد: ، ويحيى: ليس بشيء. وقال أحمد، وغيره: منكر الحديث. وقال مرّةً: ليس بذاك، وهو الذي يُحدّث عن النعمان بن سعد أحاديث مناكير. وضعّفه غيرهم أيضًا. والنعمان بن سعد تفرّد عنه عبد الرحمن بن إسحاق فيما قال أبو حاتم (١) وكذا قال البخاريّ ٤/ ٣/ ٧٧ كما ثبت في بعض نُسخ "التاريخ". قال ابن حجر في "التهذيب": والراوي عنه ضعيف، فلا يُحتجّ بخبره.

قال المعلمي: وذكره ابن حبّان في "الثقات" ٥/ ١١، والثقة عنده من روى عن ثقة، وروى عنه ثقة، ولم يرو منكرًا، وهذا الشرط مع تساهله مفقود هنا؛ لأن الراوي عنه غير ثقة، وروى عنه المناكير، كما مرّ.

[الخامس]: أن الثابت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يكن يصوم شهرًا كاملًا إلا أنه كان كثير الصيام في شعبان. والله أعلم. انتهى كلام المعلميّ (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما أشار إليه الشيخ المعلّميّ بهذا البحث أن حديث حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور لا يصلح الاحتجاج به لغرض المصنّف؛ للعلل التي ذكرها، فليس من الأسانيد الصحاح كما ادّعاه المصنّف، فتبصّر، ولا تتحيّر. والله تعالى أعلم.

[تنبيه آخر]: جملة الأحاديث التي أشار إليها مسلم في هذه المحاجّة ثلاثة وعشرون حديثًا، منها: ثمانية، قد ثبت السماع فيها، خلاف ما ادّعاه، وأربعة منها لم يُخرجها في "صحيحه"، وأحد عشر أخرجها في المتابعة، والشواهد، والذي أخرجه محتجًّا به فيما يظهر حديث واحد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الجرح والتعديل" ٧/ ٤١١.
(٢) انظر رسالته ص ٣٧٧ - ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>