للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان" (١)، من كتابك، وليس لتميم الداري في كتابك غيره، وأما البخاري فلم يُخَرِّج لتميم الداري شيئًا.

وكما أنك أيضًا لم تُخَرّج حديث بعض من سَمَّيتَ كحديث أبي رافع، عن أُبَيّ، وهو حديث: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فلم يَعتكف عامًا، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة"، أخرجه أبو داود، والنسائيّ، وغيرهما (٢).

وإما لأنه لم يقع له -أعني للإمام أبي عبد الله البخاري- على بُعْدِ ذلك عليه (٣) فقد روينا عن محمد بن حمدويه قال: سمعت البخاري يقول: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأعرف مائتي ألف غير صحيح"، وإن خَرّج منها شيئًا، قلنا: اطّلع على ما لم تَطّلِع عليه من ذلك.

فأما ما ذكرت من شأن قيس عن أبي مسعود، والنعمان عن أبي سعيد، فاعلم أيّها الإمام الأوحد، أنهم عَلِمُوا صحة سماع قيس من أبي مسعود، والنعمان من أبي سعيد، فَجَرَوا على نَهْجهم الواضح، وشرطهم الصحيح.

فأما قيس فقد ذكر البخاري سماعه من أبي مسعود في موضعين من كتابه: (أحدهما) في "باب تخفيف الإمام في القيام، وإتمام الركوع والسجود"، فقال: نا أحمد ابن يونس قال: نا زهير قال: نا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيسا قال: أخبرني


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" انظر ١/ ٥٣ "باب لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ... "، قال ابن رُشيد: وهذا الحديث مما أغفل القاضي أبو الفضل عياض في "إكماله" التنبيهَ على موقعه من كتاب مسلم أو غيره، فرأينا أن نُنَبِّه عليه. انتهى. "السنن الأبين" ص ١٦١.
(٢) قال ابن رُشيد رَحِمَهُ اللهُ: ولقد أبعد النُّجْعَة أبو الفضل -يعني القاضي عياض- في قوله: خَرَّجه ابن أبي شيبة في "مسنده"، كما أبعد أيضًا النُّجْعَة في بيان أحد حديثي أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرة، عن أبي مسعود اللذين أشار إليهما مسلم، ولم يُخَرِّجه مسلم، وهو حديث: "لا تُجزئ صلاة لا يُقيم الرجل صُلْبه فيها، في الركوع والسجود"، فقال: خَرَّجه ابن أبي شيبة، وذلك إبعاد منه للنجعة، فقد خَرّجه أيضا أبو داود، والنسائيّ في "سننهما"، والترمذي في "جامعه" كلهم من طريق الأعمش، عن عمارة بن عُمير، عن أبي مَعْمَر، عن أبي مسعود، وليس فيه ذكر سماع عند جميعهم، وإنما نُنَبِّه هنا منها على ما أغفله القاضي أبو الفضل إكمالًا لما نَقَص من المقدمة في "إكماله". انتهى كلام ابن رشيد.
(٣) كتب محقّق "السنن الأبين" ص ١٦٦ - ١٦٧: ما نصّه: والواقع يأباه، فقد أخرج البخاريّ الحديث في "التاريخ الكبير" ٦/ ٤٦٠ - ٤٦١ و"الصغير" ٢/ ٣٤ - ٣٥ وساق فيه خلافًا طويلًا، وإنما لم يخرجه في "الصحيح" لعدم ورود سماع عمارة بن عمير من أبي معمر، وقد ذكر في "التاريخ الكبير" ٦/ ٤٩٩ أنه رأى أبا معمر، فكان الأولى أن يقال: قد يقع له الحديث، ولا يُخرجه إذ أنه ليس على شرطه في "الصحيح"، كما في حديث تميم السابق، وحديثنا هذا. والله أعلم. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>