للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحققين من النقلة، والنازل حينئذ هو العالي في المعنى عند النظر والتحقيق.

قال ابن الصلاح: ليس هذا من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث، وإنما هو علو من حيث المعنى.

قال الحافظ: ولابن حبان تفصيل حسنٌ، وهو أن النظر إن كان للسند فالشيوخ أولى، وإن كان للمتن فالفقهاء. ذكر هذا كلّه في "التدريب" (١).

وإلى ما تقدّم أشار الحافظ السيوطيّ رحمه الله في "ألفية الأثر" حيث قال:

قَدْ خُصَّتِ الأُمَّةُ بِالإِسْنَادِ ... وَهْوَ مِنَ الدَّينِ بِلَا تَرْدَادِ

وَطَلَبُ الْعُلُوِّ سُنَّةٌ وَمَنْ ... يُفَضِّلِ النُّزُولَ عَنْهُ مَا فَطَنْ

وَقَسَّمُوهُ خَمْسَةً كَمَا رَأَوْا ... قُرْبٌ إِلَى النَّبِيِّ أَوْ إِمَامٍ أَوْ

بِنِسْبَةٍ إِلَى كِتَابٍ مُعْتَمَدْ ... يُنْزَلُ لَوْ ذَا مِنْ طَريقِهِ وَرَدْ

فَإِنْ يَصِلْ لِشَيْخِهِ مُوَافَقَهْ ... أَوْ شَيْخِ شَيْخٍ بَدَلٌ أَوْ وَافَقَهْ

فِي عَدَدٍ فَهْوَ الْمَسَاوَاةُ وَإِنْ ... فَرْدًا يُزَدْ مُصَافَحَاتٌ فَاسْتَبِنْ

وَقِدَمُ الْوَفَاةِ أَوْ خَمْسِينَا ... عَامًا تَقَضَّتْ أَوْ سِوَى عِشرِينَا

وَقِدَمُ السَّمَاعِ وَالنُّزُولُ ... نَقِيضُهُ فَخَمْسَةً مَجْعُولُ

وَإِنَّمَا يُذَمُّ مَا لَمْ يَنْجَبِرْ ... لَكِنَّهُ عُلُوُّ مَعْنًى يَقْتَصِرْ

وَلابْنِ حِبَّانَ إِذَا دَارَ السَّنَدْ ... مِنْ عَالِمٍ يَنْزِلُ أَوْ عَالٍ فَقَدْ

فَإِنْ تَرَى لِلْمَتْنِ فَالأَعْلَامُ ... وَإِنْ تَرَى الإِسْنَادَ فَالْعَوَامُ

انتهى.

ولنختم هذا البحث بذكر رسالة الإمام المقدسيّ رحمه الله تعالى؛ لكثرة فوائدها، ومحافظةً على بقاء نصّها:

قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسيّ المعروف بابن القيسرانيّ (٤٤٨ - ٥٠٧ هـ) رحمهُ الله تعالى:

الحمد لله وحده، وصلواته على سيّدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم تسليمًا.

سألتَ -أحسن الله لنا ولك التوفيق- عن علامة العلوّ في الحديث، وبأيّ شيء يَعرف المبتدىء العلوّ من النزول، وأن أُبيّن لك ذلك، وأشرحه على الاختصار، مع إقامة الشواهد التي تهتدي بها إلى معرفة ذلك.

(اعلم): أن الحديث وطلبه مندوب إليه، مثابٌ صاحبه عليه، ويَرغَب فيه أشراف


(١) راجع "تدريب الراوي" ٢/ ١٥٩ - ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>