للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما رواية أبي بكر بن حزم، عن أبي حبّة الأنصاريّ البدريّ، فغير متّصلة بلا شكّ؛ لأن أبا حبّة قُتل يوم أحد، وكانت غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة، وأبو بكر بن حزم تُوفّي سنة عشرين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة، فيما ذكر غير واحد من العلماء، فيكون مولده على هذا سنة سبع وثلاثين من الهجرة، فلا يتصور إدراكه له، وأما روايته عن ابن عباس، فغير معروفة، لكنها جائزة ممكنة؛ لإدراكه له؛ لأن ابن عباس -رضي الله عنهم- توفي سنة ثمان وستين من الهجرة، وقيل: سنة تسع وستين، وقيل: سنة سبعين، فإدراكه له معلوم، غير مشكوك فيه، وسماعه منه جائز ممكن، وهذا محمول على الاتصال، عند مسلم رحمه الله، حتى يقوم دليل على أنه لم يسمع منه. والله أعلم.

وأبو حبة البدري: اسمه عامر، وقيل: مالك، واختلف في ضبطه على ثلاثة أقوال: فقيل: أبو حبة بالباء بواحدة، وقيل: بالنون، وقيل: بالياء باثنتين من تحتها، والصحيح الأول، ذكر ذلك ابن عبد البر في "استيعابه" بنحوه، وقيل: في اسمه غير ذلك، ولا خلاف أنه بالحاء المهملة، والله أعلم. اهـ.

(٦٣) - حديث آخر: أخرج مسلم رحمه الله في "كتاب الصلاة" (١) حديث أبي الجوزاء الربعي، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد للَّه رب العالمين ... الحديث، وأورده أبو عمر بن عبد البر النمري الحافظ، في "تمهيده" في ترجمة العلاء بن عبد الرحمن، وقال عقيبه: ما هذا نصه: اسم أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، لم يسمع من عائشة، وحديثه عنها مرسل، وأورده أيضًا في كتابه المسمى "بالإنصاف" وقال عقيبه: رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم، لا يُختَلف في ذلك، إلا انهم يقولون: إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة، وحديثه عنها إرسال.

قال شيخنا الحافظ، أبو الحسين، يحيى بن علي أسعده الله: وإدراك أبي الجوزاء هذا لعائشة -رضي الله عنها- معلوم، لا يُختَلف فيه، وسماعه منها جائز ممكن؛ لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه الله، كما نص عليه في مقدمة كتابه "الصحيح"، إلا أن تقوم دلالة بينة على أن ذلك الراوي لم يلق من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئا، فحينئذ يكون الحديث مرسلا. والله أعلم.

وقد روى البخاري في "تاريخه" عن مسدد، عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النُّكْري، عن أبي الجوزاء، قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة،


(١) ١/ ٣٥٧ حديث ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>