للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الراغب: أصل الرَّغْبة: السَّعَة في الشيء، يقال: رَغُبَ الشيءُ: اتسع، وحَوضٌ رغيبُ الجوف، وفرسٌ رَغيب العَدْوِ. والرَّغْبَةُ، والرَّغَبُ، والرَّغْبَى: السعَةُ في الإرادة، قال تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} الآية [الأنبياء: ٩٠]. فإذا قيل: رَغِبَ فيه، وإليه يقتضي الحِرْصَ عليه، قال تعالى: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: ٥٩] وإذا قيل: رَغِبَ عنه اقتضى صَرْفَ الرغْبَة عنه، والزهد فيه، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} الآية [البقرة: ١٣٠] انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المراد هنا الأحاديث التي تُرَغّب الناس، وتُطمعهم في خيرات الدنيا والآخرة. والله تعالى أعلم.

(والتَّرْهِيب) مصدر رهّبه الشيءَ: بمعنى خَوّفه منه. يقالْ: رَهِبَ الشيءَ يَرهَبه، كعَلِمَ يَعلَم، رَهْبَةً، ورُهْبًا -بالضمّ، وبالفتح، وبالتحريك- ورُهْبَانًا- بالضمّ، ويُحرَّك-: خافه. والا سم الرَّهبَى، ويُضمّ، ويُمدّان، والرَّهَبُوتَى. وأرهبه، ورَهّبَهُ، واسترهبه: إذا أخافه، وأفزعه. أفاده في "القاموس"، و"اللسان".

وقال الراغب: الرَّهْبَة، والرُّهْبُ: مخافةٌ مع تحرّز، واضطراب انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المراد هنا الأحاديث التي تخوّف الناس من كلّ مكروهٍ من مكاره الدنيا والآخرة. والله تعالى أعلم.

"وَغَيْرِ ذَلِكَ" أفرد اسم الإشارة، وإن كان ما تقدّم أكثر من واحد لتأويله بالمذكور، أو بما تقدّم.

(مِنْ صُنُوفِ الأشْيَاء) جمع صَنْف -بفتح، فسكون-: أي من أنواع الأشياء. قال في "المصباح": قال ابن فارس فيما ذكره عن الخليل: "الصّنف": الطائفة من كلّ شيء. وقال الجوهريّ: الصّنف. هو النوع، والضرب، وهو بكسر الصاد، وفَتحُها لغةٌ، حكاها ابن السكّيت، وجماعةٌ، وجمع المكسور أصنافٌ، مثلُ حِمْلٍ وأَحمالٍ، وجمع المفتوح صُنُوفٌ، مثلُ فَلْسٍ وفُلُوس. قاله في "المصباح".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أراد بصنوف الأشياء ما تشتمل عليه الأحاديث النبويّة، وقد أوصلها بعضهم إلى ثمانية أقسام: وهي العقائد، والأحكام، والرِّقَاق، والأدب، والتفسير، والسِّيَر، والفِتَن، والمناقب.

وهذه الأقسام هي التي إذا جمعها كتابٌ يُسمَّى بـ "الجامع"، كهذا الكتاب على خلاف فيه؛ لقلّة تفسيره، والصحيح أنه من الجوامع، كما تقدّم بيانه في المقدّمة، وقد


(١) "مفردات ألفاظ القرآن" ص ٣٥٨.
(٢) المصدر السابق ص ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>